والحرب، وتدخل فيما يسمى اليوم بالقانون الدولي العام.
ح) أحكام تتعلق بنظام الحكم وقواعده، وكيفية اختيار رئيس الدولة، وشكل الحكومة، وعلاقات الأفراد بها، وحقوقهم إزاءها، وهي تدخل فيما يسمى اليوم بالقانون الدُّستوري.
خ) أحكام تتعلق بموارد الدولة الإسلامية ومصارفها، وتنظيم العلاقات المالية بين الأفراد والدولة، وبين الأغنياء والفقراء، وهي تدخل في القانون المالي بمختلف فروعه.
د) أحكام تتعلق بتحديد علاقة الفرد بالدولة من جهة الأفعال المنهي عنها "الجرائم ومقدار عقوبة كل جريمة". . وهذه تدخل فيما يسمى اليوم بالقانون الجنائيّ، ويلحق بهذه الأحكام الإجراءات التي تتبع في تحقيق الجرائم وإنزال العقوبات بالمجرمين وكيفية تنفيذها، وهي تدخل فيما يسمى اليوم بقانون تحقيق الجنايات أو بقانون المرافعات الجزائية.
[مقارنة بين شمول الشريعة وشمول القوانين الوضعية]
وواضح مما قدمناه أن الشريعة في شمولها تختلف مع جميع القوانين الوضعية؛ لأن شمولها كامل تامٌّ بكل معاني الكلمة، في من حدث ولا عمل يصدر عن الإنسان، ولا علاقة تقوم بينه وبين غيره، إلا وللشريعة حكم فيها.
فأمور العقيدة والأخلاق والعبادات تدخل في نطاق شمول الشريعة ولا تدخل في نطاق تنظيم القوانين الوضعية. وحتى في نطاق العلاقات البشرية التي تنظمها القوانين الوضعية فإن الشريعة تختلف اختلافًا بيِّنًا مع القوانين الوضعية في جانب مهم جدًا ألا وهو مراعاة الأخلاق في التشريع.
فالشريعة الإسلامية راعت جانبها كل الرعاية، وسمحت لها بالتسرب إلى القواعد القانونية والامتزاج بها وإقامة الأحكام التنظيمية عليها. وهذا بخلاف القوانين الوضعية حيث إنها لا تراعي المعاني الأخلاقية؛ بل إن الأصل فيها هو الفصل بين القواعد الأخلاقية والقواعد القانونية.
ونكتفي هنا بضرب مثالٍ واحدٍ فقط ليظهر لنا مدى تمسك التشريع الإسلامي بالمعاني الأخلاقية في أدق العلاقات وأخطرها ولو ترتب على هذا التمسك تضحيات جسيمة.