للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسيح - صلبه - مبَررًا (١).

ومن المعلوم أن الديانة النصرانية بجملتها تقوم أو تسقط بقيام فكرة الخلاص والخطيئة أو سقوطها، فهذه الفكرة هي الأساس الأول والأخير الذي قامت عليه كل عقائد النصارى، فعلى أساسها جعلوا عيسى ابنًا وجعلوه إلهًا وجسدوا الإله وجعلوه مصلوبًا (٢).

الوجه الثالث: أليس من العدل أن تتناسب العقوبة مع الذَّنْبَ؟

من المسلَّم به في جميع الشرائع العادلة أن تتناسب العقوبة مع الذَّنْبَ، فهل تتناسب العقوبة بصلب المسيح (كما يزعمون) مع خطيئة آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - بالأكل من الشجرة، إن كل خطيئة آدم التي أحال عليها النصارى عملية قتل المسيح وصلبه لا تعدو أن تكون أكلًا من شجرة نُهي عنها، وثبت بنصوص الكتب المقدسة أن الله عاقبه عليها بإخراجه من الجَنَّة، ولا شك أنه عقاب كافٍ، فالحرمان من الجَنَّة والخروج منها إلى الكدح والتعب في الدنيا عقاب ليس بالهين (٣).

لكن النصارى يمنعون أن يعفو الله عن آدم وأبنائه، ويصرون أن لابد من العقوبة المستحقة لهم، لكنهم قد نالوها بالفعل، فما بال الخطيئة تتوارث وعقوبتها في أبنائهم.

الوجه الرابع: ألا يُعد تكرار العقوبة على العاصي ظلمًا؟

أليس تكرار العقوبة للعاصي صورة من صور الظلم الذي يتنزه عنه الله! ، وقد ذكر في سفر التكوين (٣/ ١٧): "ملعونة الأرض بسببك، وبالتعب تأكل منها كل أيام حياتك".

[الوجه الخامس: إذا كان ذنب آدم احتاج لتجسد الإله والصلب، فما بال معاصي بني آدم الكثيرة؟]

وليس ثمة تناسبًا بين الذَّنْبَ والعقوبة، ونلحظ في العقوبة شدة متمثلة في لعن الأرض كلها والأتعاب الطويلة للرجال والنساء، ونلحظ أن ليس ثمة تناسبًا بين الذَّنْبَ والعقوبة، فقد كان يكفيهم الإخراج من الجَنَّة (٤).

إذا كان خطأ آدم قد احتاج لتجسد إله وصلبه من أجل أن يُغفر، فكم تحتاج معاصي


(١) ما هي حتمية كفارة المسيح؟ (٢٢).
(٢) مشكلات في العقيدة النصرانية (١٤٤).
(٣) الميزان في مقارنة الأديان لعزت طهطاوي (١٥٨).
(٤) هل افتدانا المسيح؟ لمنقذ سقار (١٦٢: ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>