للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسم الصفة الأولى عندنا البَدَاء، فيها يعبر عن هذا المعنى الذي هو من صفات المختارين من الإنس والجن وسائر الحيوان، وهو خلق مذموم؛ لأنه نتيجة الملل والندم والسآمة، وهذه الأخلاق منفية عن الملائكة بنص القرآن، فكيف عن الباري تعالى. (١)

[الوجه الثاني: الرد على بعض الشبهات حول النسخ في القرآن.]

[الشبهة الأولى]

قالوا: بأن النسخ يتعارض مع قوله تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: ٤٢]، حيث إن هذه الآية تفيد أن أحكام القرآن لا تبطل أبدًا، والنسخ فيه إبطال لحكم سابق.

والجواب عليه من هذه الوجوه:

[الوجه الأول: بيان معنى الآية.]

الآية تحتمل عدة معانٍ:

الأول: أي: لا يستطيع الشيطان أن ينقص منه حقا، ولا يزيد فيه باطلا قالوا: والباطل هو الشيطان.

عن قتادة {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} الباطل: إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقا، ولا يزيد فيه باطلًا (٢).

الثاني: أن المراد أن هذا الكتاب لم يتقدمه من كتب الله ما يبطله ولا يأتيه من بعده أيضًا ما يبطله (٣).

الثالث: النسخ ليس باطلًا، إذ هو حق وذلك أن الله أضافه إلى نفسه في قوله {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ١٠٦]، ولا ينسب الله إلى نفسه باطلا، والباطل يضاد الحق فوجب حمل الباطل على غير النسخ. (٤)

الوجه الثاني: أن معنى الباطل في الآية ما خالف الحق، والنسخ حق.


(١) الإحكام لابن حزم (١/ ٤٧١).
(٢) إسناده صحيح. أخرجه الطبري في تفسيره (٢٤/ ١٢٥) من طريق يزيد، قال: ثنا سعيد عن قتادة به.
(٣) الرازي في تفسيره (٣/ ٢٣٠)، الإبهاج في شرح المنهاج (٥/ ١٦٥٨).
(٤) الإبهاج في شرح المنهاج (٥/ ١٦٥٨)، النسخ في القرآن الكريم د/ مصطفى زيد (١/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>