للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما لم يُنكر ذلك عليه؛ لأنه كان بصدد البحث والنظر، والواجب عليه التثبت في هذا الأمر (١).

قال ابن كثير: وكذا مشهور عند كثير من القراء والفقهاء: أن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه، فلعله لم يسمعهما من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يتواترا عنده، ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك إلى قول الجماعة، فإن الصحابة، رضي الله عنهم، كتبوهما في المصاحف الأئمة، ونفذوها إلى سائر الآفاق كذلك، ولله الحمد والمنة (٢).

فإن قيل: ولِمَ لَمْ ينكر عليه الصحابة؟ يجاب بأنَّهم لم ينكروا عليه؛ لأنه كان بصدد البحث والتثبت في هذا الأمر (٣).

[السادس: أن إنكار ابن مسعود قرآنية الفاتحة والمعوذتين كان قبل علمه بذلك.]

يحتمل أن إنكار ابن مسعود لقرآنية المعوذتين والفاتحة على فرض صحته كان قبل علمه بذلك، فلما تبين له قرآنيتهما بعد، وتم التواتر، وانعقد الإجماع على قرآنيتهما كان في مقدمة من آمن بأنهما من القرآن (٤).

[السابع: رجوع ابن مسعود عن هذا القول.]

ويدل على ذلك الآتي:

أولًا: أن عاصمًا وهو أحد القراء السبعة قرأ القرآن كله وفيه المعوذتان بأسانيد صحيحة بعضها يرجع إلى ابن مسعود نفسه.

ذلك أن عاصمًا قرأ على أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب، وقرأ على أبي مريم زر بن حبيش الأسدي، وعلى سعيد بن عياش الشيباني، وقرأ هؤلاء على ابن مسعود نفسه، وقرأ ابن مسعود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ثانيها: أن حمزة وهو من القراء السبعة أيضًا قرأ القرآن كله بأسانيده الصحيحة وفيه


(١) مناهل العرفان ١/ ١٩٢.
(٢) تفسير القرآن العظيم ١٤/ ٥١٧.
(٣) مناهل العرفان ١/ ١٩٢، كتاب جمع القرآن. محمد شرعي أبو زيد ١/ ١٧٦.
(٤) مناهل العرفان ١/ ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>