للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرها كثير من المعجزات التي أجراها الكريم - جل جلاله - إذ الفضل منه وإليه - على يدي النبي المعصوم - صلى الله عليه وسلم - ولكن من استكبر وعاند طلب أكثر من ذلك، ماذا طلب؟ إنه طلب العذاب، طلب أن ينزل الله عليه آية من السماء كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: ٣٢]، ولكن الله استجاب لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وكما في الحديث "أَنَّ رَسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْعَالِيَةِ حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلًا ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "سَأَلْتُ رَبِّى ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ ومنعني وَاحِدَةً، سَأَلْتُ رَبِّى أَنْ لَا يُهْلِكَ أمتي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِى بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا" (١).

وقد ذكر الحق - عز وجل - العلة من عدم إجابته لسؤال هؤلاء القوم فقال: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (٥٩)} [الإسراء: ٥٩]، وقد سبق بيان ذلك، ولكننا نثبت أن الله تبارك وتعالى أجرى معجزات كثيرة على يد نبيه - صلى الله عليه وسلم - وسيأتي تفصيل ذلك في بابه فلتراجع فإنها مهمة.

الوجه السابع: لا يلزم على الأنبياء أن يظهروا معجزة كلما طلبها المنكرون كما في الكتاب المقدس. (٢)

فكما تبين من فهم الآيات السابقة نفي المعجزة المقترحة، ولا يلزم من هذا النفي، نفي المعجزات مطلقًا، ولا يلزم على الأنبياء أن يظهروا معجزة كلما طلبها المنكرون؛ بل هم لا يظهرون إذا طلب المنكرون عنادًا أو امتحانًا أو استهزاء، وأورد لهذا الأمر شواهد من

العهد الجديد:


(١) صحيح مسلم (٢٨٩٠).
(٢) هذا الوجه من كتاب إظهار الحق للهندي (٢/ ٣٧٧)، وراجع أيضًا ما كتب في شبهتي: محمد لا يستطيع عمل المعجزات، وإنكار معجزة انشقاق القمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>