للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بالشرع: فقد قال الله عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى: ١١)، فنفى المثلية، وأثبت صفة السمع والبصر.

وقال تعالى: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَال} (النحل: ٧٤) فنهى الله تعالى عن تمثيله بغيره من مخلوقاته.

وأما بالعقل: فمن وجوه منها:

الأولى: التباين الواضح لكل ذي عقل بين الخالق والمخلوق في الذات والوجود، وهذا يستلزم التباين في الصفات.

الثاني: أن تشبيه الله بالمخلوق فيه تنقيص لله عز وجل إذ إن صفات المخلوق ناقصة وقابلة للفناء، فيستلزم نقصان صفات الله، وهذا ضلال. فقد قال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} (الفرقان: ٥٨).

وأما بالحس: فلأن المخلوقات على اختلافها لها صفات، ولكن ليست متماثلة ولا متشابهة فكيف بالخالق سبحانه وتعالى؟ !

[ثالثا: أهل التفويض]

وهم الذين فوضوا معنى الصفات وكيفيتها إلى الله فقالوا: لا نعلم لها معنى ولا كيفية.

وهؤلاء أخطر الفرق ضلالًا؛ لأنه يستلزم من قولهم: أن الله تعبد العباد بكلام لا يفهمونه؛ بل لا يفهمه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فضلًا عن غيرهم.

وهذا مخالف للشرع والعقل: قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (النحل: ٤٤). وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤)} (النحل: ٦٤).

فكيف يبين النبي - صلى الله عليه وسلم - كلاما لا يفهم معناه! !

والعقل يقول: إن هذه الصفات لها معان وكيفية: أما المعنى فهو الذي وضحه النبي - صلى الله عليه وسلم - للناس وجاء على لسان السلف، وأما الكيفية فهذه لم يطلعنا الله تعالى عليها ولا نبيه فهي عنا مجهولة ولم نكلف الخوض فيها.

وإليك ذكر الشبهات والرد عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>