كان يستطيع القراءة، ينبغي له أن يقرأ من المصحف، ولو مرة من المرات، وكل من كان عاجزًا عن القراءة سواءً كان أميًا أو كفيفًا فهو معذور في ذلك.
فعندما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقرأ سورة واحدة من المصحف، ولو لمرة واحدة أمام أصحابه، أو في خلواته، ثبت بذلك أنه معذور؛ فلم يكن كفيفًا إذًا كان أميًا.
[من الصحابة من ليس بأمي]
ثبت أن من هؤلاء من كان يقرأ القرآن من المصاحف التي كانت عندهم في بيوتهم، أو من المصحف الذي كان في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والعجيب أنه لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في هذا المصحف ولو مرة واحدة! .
من الصحابة من كان يعلم أنه يموت شهيدًا كعثمان بن عفان - رضي الله عنه - أعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، لذلك انكب على قراءة المصحف قبل وفاته، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعلم قرب وفاته عندما أنزل الله سورة النصر، ومع ذلك لم يثبت أنه انكب على قراءة القرآن من المصحف، فكما يعلم المسلمون أن العبد الصالح عندما يشعر بقرب وفاته، يغلق جميع الكتب، وينشغل بكتاب الله، تعلقًا، وقراءةً وتدبرًا، وسماعًا، عسى أن يختم له بخاتمة السعادة.
الحافظ للقرآن مهما قوي حفظه فهو يحتاج إلى أن ينظر للمصحف ليراجع ويثبت حفظه؛ لأن القرآن أشد تفلتًا من الإبل في عقالها، وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في قيام الليل في ركعة واحدة فقط: بالبقرة وآل عمران والنساء في ليلة واحدة، فكان كثير القراءة للقرآن؛ فكان ينبغي أن يراجع حفظه من المصحف، لئلا يخطئ في القراءة أثناء صلاته بالناس في صلاة الفريضة، فإذا ثبت أنه لم يفعل ذلك ثبت أنه كان أمِّيًا - صلى الله عليه وسلم -.
وقد يقول قائل: إن ذاكرة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - كانت فولاذية لدرجة أنه لا يحتاج لذلك.
فأقول له أفلا يدل ذلك على أنه كان نبيًا مؤيدًا من ربه.