للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول كرامرز (١): إن أورشليم القدس المركز الديني الأسمى لأوربا النصرانية دخلت منذ السنة ٦٣٨ م في حوزة الإسلام إلا أن الفتح الإسلامي لم يمنع من زيارة القبر المقدس، أو يحل بين الأوربيين المسيحيين وبين إنجاز هذه الفريضة الدينية.

يقول جوليفيه كستلو: ما كان الحكم التركي الذي امتد ظله إلى المجر ظالمًا ولا قاسيًا، فقد كان العثمانيون يرعون أديان الشعوب المحكومة، ويحترمون عاداتها، وظلت تركية متمسكة بهذه القاعدة إلى القرن العشرين، وما تعمدت قط أن تتمثل العناصر؛ بل اكتفت بفرض الضرائب عليهم. وقد رأينا الشعوب التي خضعت لحكم السلطنة أضاعت قوميتها، وكانت مع هذا أيام استعبادها أسعد حالًا من العصور المضطربة المحاربة أيام استقلالها، وربما لم تربح إلى اليوم من هذا التبدل في الحكم. (٢)

يقول كلود تسيهر: إنه مما لا يصكن إنكاره أن الأوامر القديمة التي وضعت للمسلمين الفاتحين إزاء أهل الكتاب الخاضعين لهم، أثناء هذه المرحلة الأولى من التطور الفقهي كانت قائمة على روح التسامح وعدم التعصب. وأن ما يشاهد اليوم مما يشبه أن يكون تسامحًا دينيًّا في علاقات الحكومات الإسلامية، ونجد ظواهر هذا التشريع في الإسلام في كتب الرحالة في القرن الثامن عشر يرجع إلى ما كان في النصف الأول من القرن السابع من مبادئ الحرية الدينية التي منحت لأهل الكتاب في مباشرة أعمالهم الدينية.

روح التسامح في الإسلام قديمًا تلك الروح التي اعترف بها المسيحيون المعاصرون أيضًا كان لها أصلها في القرآن: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦]، وقد جاءت الأخبار


(١) البروفيسور جي. م. ج كرامرز. ولد بهولندا سنة ١٨٩١، وكان أستاذًا للتركية والفارسية في جامعة ليدن حتى سنة ١٩٣٩، اشتغل من ١٩١٥ حتى ١٩٢١ مترجمًا للسفارة الهولندية في الأستانة. كان أحد المساهمين في كتابة كثير من الموضوعات في دائرة المعارف الإسلامية، وألف كتاب: فن التاريخ عند الأتراك العثمانيين - ١٩٤٤.
(٢) قانون التاريخ، عن محمد كرد علي: الإسلام والحضارة العربية ٢/ ٤٩٦ - ٤٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>