للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما قال علماء المسيحية: إن المراد بهذا الملكوت، شيوع الملة المسيحية في جميع العالم وإحاطتها كل الدنيا بعد نزول عيسى - عليه السلام -، فتأويل ضعيف خلاف الظاهر، وترده التمثيلات المنقولة عن عيسى - عليه السلام -.

ففي إنجيل متّى (١٣: ٢٤، ٣١، ٣٣) قال: ": "يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا زَرَعَ زَرْعًا جَيِّدًا فِي حَقْلِهِ."

": "يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ حَبَّةَ خَرْدَل أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ"

"يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ خَمِيرَةً أَخَذَتْهَا امْرَأَةٌ وخَبّأَتْهَا فِي ثَلَاثَةِ أَكْيَالِ دَقِيق حَتَّى اخْتَمَرَ الْجَمِيعُ"."

فشبّه ملكوت السماوات بإنسان زارع لا بنمو الزراعة وحصادها، وكذلك شبّه بحبّة خردل لا بصيرورتها شجرة عظيمة، وشبّه بخميرة لا باختمار جميع الدقيق. وكذا يردّ هذا التأويل قولُ عيسى - عليه السلام - بعد بيان التمثيل المنقول في الإصحاح الحادي والعشرين من إنجيل متّى هكذا: "لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ الله يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ.".

فإن هذا القول يدل على أن المراد بملكوت السماوات طريقة النجاة نفسها لا شيوعها في جميع العالم وإحاطتها كل العالم، وإلّا لَا معنى لنزع الشيوع والإحاطة من قوم وإعطائهما لقوم آخرين، فالحق أن المراد بهذا الملكوت هي المملكة التي أخبر عنها دانيال في الإصحاح الثاني من السفر المنسوب إليه (١).

فمصداق هذا الملكوت وتلك المملكة نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -. والله أعلم. (٢)

[البشارة رقم (٢)]

ورد في رؤيا يوحنا اللاهوتي (٢: ٢٦ - ٢٩):


(١) سبق ذكرها والتعليق عليها.
(٢) إظهار الحق (٤/ ١١٧٤ - ١١٧٦) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>