للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك: بل هي للتخيير فيتخير الإمام في المحارب المسلم بين الأمور الثلاثة ورجح الطبري الأول. واختلفوا في المراد بالنفي في الآية فقال مالك والشافعي: يخرج من بلد الجناية إلى بلدة أخرى، زاد مالك فيحبس فيها.

وعن أبي حنيفة بل يحبس في بلده. وتعقب بأن الاستمرار في البلد ولو كان مع الحبس إقامة فهو ضد النفي فإن حقيقة النفي الإخراج من البلد وقد قرنت مفارقة الوطن بالقتل قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ} (النساء: ٦٦) وحجة أبي حنيفة أنه لا يؤمن منه استمرار المحاربة في البلدة الأخرى فانفصل عنه مالك بأنه يحبس بها، وقال الشافعي: يكفيه مفارقة الوطن والعشيرة خذلانًا وذلًا. (١)

واختلف العلماء في معنى حديث العرنيين وبيانه في الوجوه التالية:

الوجه الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل بهم ذلك الأمر قصاصًا.

ولذلك قال أنس - رضي الله عنه -: إِنَّمَا سَمَلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَعْيُنَ أُولَئِكَ لأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ. (٢)

فهؤلاء -كما قال أبو قلابة- قوم: سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله، وسعوا في الأرض فسادًا، وخوَّفوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (٣)

ورجحه ابن بطال، (٤) وابن الجوزي، (٥) والنووي. (٦)

[الوجه الرابع: أنه منسوخ وحكن هذا قبل نزول الحدود وآية المحاربة والنهي عن المثلة.]

ورجحه كثير من العلماء منهم ابن دقيق العيد، (٧) والطحاوي، (٨) وأبو عبيد، (٩) وابن قتيبة. (١٠)


(١) فتح الباري لابن حجر ١٢/ ١٣٠: ١٢٩ باختصار، شرح صحيح مسلم ٦/ ١٧٠.
(٢) مسلم (١٦٧١).
(٣) البخاري (٢٣٣، ٣٠١٨، ٤٦١٠)، مسلم (١٦٧١).
(٤) شرح صحيح البخارى لابن بطال ٨/ ٤٢٢.
(٥) فتح الباري ١/ ٤٠٦.
(٦) شرح صحيح مسلم ٦/ ١٧١.
(٧) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام ١/ ٤٣٩.
(٨) شرح مشكل الآثار ١٢/ ٦٩.
(٩) غريب الحديث ١/ ١٧٥.
(١٠) تأويل مختلف الحديث ١/ ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>