للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكذب، ولكن نتهمه بتلقف الأكاذيب من أفَّاكي أصحابه الرافضة والمعتزلة، وأهل العلم لا يقبلون الأخبار المنقطعة ولو ذكرها كبار أئمة السنة، فما بالك بما يحكيه ابن أبي الحديد عن الإسكافي عمن تقدمه بزمان (١).

[الوجه الثاني: هذا لا يعقل عن عمر - رضي الله عنه -]

فَضَرْبُ عمر لأبي هريرة غير معقول لأن عمر - رضي الله عنه - يعرف مكانته ومنزلته، وأما أن يكون أهانه وقال له: استعملتك على البحرين بلا نعلين، فالواقع يكذب هذا؛ لأن جميع المسلمين تحسنت أحوالهم أيام عمر، وكثر عطاؤهم عندما فتحت البلاد المجاورة فأغدقت عليهم الغنائم والأموال الكثيرة، وإلى جانب هذا لم يرد في الروايات الصحيحة المعتمدة شيء من ذلك (٢).

[الشبهة السابعة: يقولون: إن أبا هريرة - رضي الله عنه - أكثر روايته عن كعب الأحبار.]

والرد على ذلك من وجوه:

[الوجه الأول: كعب الأحبار ليس من الصحابة، فلماذا يأخذ عنه أبو هريرة حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]

هناك خلط عند بعض السامعين بين ما يرويه أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يرويه من القصص عن كعب الأحبار، ويثبت ذلك ما قاله بسر بن سعيد: اتقوا الله وتحفظوا من الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويحدثنا عن كعب الأحبار، ثم يقوم، فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كعب، وحديث كعب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).

[الوجه الثاني: لا يتصور أن أبا هريرة يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]

المشهور عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه كان يعزو كل ما يحدث به عن غير النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قائله، فبالأحرى أن يبين حديث كعب وما يقوله كعب، ولا يمكن إنسان أن يتصور أبا هريرة - رضي الله عنه -


(١) الأنوار الكاشفة (١/ ١٦٣).
(٢) أبو هريرة راوية الإسلام (٢٢٦).
(٣) صحيح. أخرجه مسلم في التمييز (١٠) ومن طريق ابن عساكر في تاريخ دمشق ٦٧/ ٣٦٠، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدرامي، ثنا مروان الدمشقي، عن الليث بن سعد، حدثني بكير بن الأشج، قال: قال: لنا بسر بن سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>