للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - شبهة: حول وفاة عيسى - عليه السلام -.]

[نص الشبهة]

يقول: في الآية: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ}.

والسؤال: كيف توفاه الله ورفعه؟ ، وفي الآية دليل على مسألة الصلب.

والرد على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: بيان المعاني التي ذُكرت في الوفاة.

الوجه الثاني: الرد على من قال بأن الوفاة في الآية بمعنى الموت.

الوجه الثالث: بطلان قضية الصلب.

وإليك التفصيل

[الوجه الأول: بيان المعاني التي ذكرت في الوفاة.]

أولًا: الوفاة بمعنى: المنية، والوفاة: الموت، وتُوفي فلان، وتوفاه الله إذا قبض نفسه أو روحه، وقيل: توفي: استيفاء مدته التي وفيت له وعدد أيامه وشهوره وأعوامه في الدنيا، وتوفيت المال منه واستوفيته: إذا أخذته كله، وتوفيت عدد القوم: إذا عددتهم كلهم، وأنشد أبو عبيدة كمنظور الوبري:

إن بني الأدرم ليسوا من أحد ... ولا توفاهم قريش في العدد

أي: لا تجعلهم قريش تمام عددهم ولا تستوفي بهم عددهم؛ ومن هذا قول الله - عز وجل -: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} أي: يستوفي مدد آجالهم في الدنيا، وقيل: يستوفي تمام عددهم إلى يوم القيامة، وأما توفي النائم فهو استيفاء وقت عقله وتمييزه إلى أن نام.

قال الزجاج في قول الله - عز وجل -: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} قال: هو من توفية العدد أي: يقبض أرواحكم أجمعين فلا ينقص واحد منكم؛ كما تقول: قد استوفيت من فلان وتوفيت منه مالي عليه، تأويله: أي لم يبق عليه شيء.

وأما الموافاة: فهي مأخوذة من قولك: أوفيته حقه ووفيته حقه ووافيته حقه؛ كل ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>