للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الثاني: الفرق بين جنة وجنات.]

وقد جاء في القرآن ذكر الجنة مفردة ومجموعة، فإذا كانت مفردة فالمراد الجنس. (١)

المقصود بجنة مفردة: هي الجنة التي خلقها الله تعالى لعباده المتقين.

والمقصود بجنات: هي عدد النعيم في الجنة كلٌّ على حسب إيمانه وعمله، وهذا من عدل الله تعالى ورحمته بعباده.

وتثنية جنتين باعتبار أن ما على يمين السائر كجنة، وما على يساره كجنة. وقيل: كان لكل رجل في مسكنه، أي داره جنتان جنة عن يمين المسكن وجنة عن شماله فكانوا يتفؤون ظلالهما في الصباح والمساء ويجتنون ثمارها من نخيل وأعناب وغيرها، فيكون معنى التركيب على التوزيع، أي: لكل مسكن جنتان، كقولهم: ركب القوم دوابهم، وهذا مناسب لقوله {فِي مَسْكَنِهِمْ} دون أن يقول في بلادهم، أو ديارهم، ويجوز أن يكون المراد أن مدينتهم وهي مأرب كانت محفوفة على يمينها وشمالها بغابة من الجنات يصطافون فيها ويستثمرونها مثل غوطة دمشق، وهذا يناسب قوله بعد {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ} [سبأ: ١٦]؛ لأن ظاهره أن المبدل به جنتان اثنتان، إلا أن تجعله على التوزيع من مقابلة المتعدد بالمتعدد. (٢)

[الوجه الثالث: الجنات والجنة في الكتاب المقدس.]

ورد في كتبهم كلمة جنة والجنة مفردة ٣٠ مرة.

مثال: في سفر (التكوين ٢/ ١٠: ٩): وَأنبَتَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ لِلأَكْلِ، وَشَجَرَةَ الحْيَاةِ فِي وَسَطِ الجنَّةِ، وَشَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. ١٠ وَكَانَ نَهْرٌ يَخرُجُ مِنْ عَدْنٍ لِيَسْقِيَ الجَنَّةَ، وَمنْ هُنَاكَ يَنْقَسِمُ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةَ رُؤُوسٍ.

وكلمة جنة كما جاء في سفر (حزقيال ٣١/ ٩: ٨): الأَرْزُ فِي جَنَّةِ الله لَمْ يَفُقْهُ، السَّرْوُ لَمْ


(١) البحر المحيط (١/ ١٤٥).
(٢) التحرير والتنوير (٢٢/ ٣٤ - ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>