وما كان لأحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتلفظ بمثل هذا، وإلا ما عد من أصحابه، وأنَّى لهذا الذي ترغب فيه واحدة من أزواج النبي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فالحديث باطل متنًا وسندًا.
[الوجه الثالث: الرد على مزعوماتهم الباطلة.]
أولًا: يقولون: لماذا هذا الكلام؟ أليس يدل على تصرفات زوجاته مع الرجال بأمور لا تليق؟
ونقول: ألا لعنة الله على الظالمين، ألمجرد توجيه وَجَّهَهُ الله - عز وجل - للأمة كي يتأدبوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما يكون في خلوته يؤول بهذا التأويل وتقولون أن هذا يدل تصرفات غير سليمة بين زوجاته الطاهرات العفيفات وبين أصحابه المؤمنين الصادقين؟ ! ! ! فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أما النهي من الله فلأمور:
١ - الله - عز وجل - نهى الصحابة عن ذلك لعلمه أن نبيه - صلى الله عليه وسلم - كان أشد الناس حياءً، وعن أبي سعيد الخدري قال:"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد حياءً من العذراء في خدرها"، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يستحي أن ينهاهم عن ذلك بنفسه، لكن عندما يكون من الله - عز وجل -، فالله لا يستحي من الحق.
٢ - أنه لا بد أن يعامل القدوة باحترام وتوقير، على غير معاملة العوام فهو له الفضل على الجميع، فما بالكم لو كان ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، فأهل الفضل لا بد أن يميزوا في المعاملة كما خص زوجاته - رضي الله عنهن - بألا يتزوجهن أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - {وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}.
٣ - هذا أدب من الله - عز وجل - للصحابة، ليبين لهم كيف يتعاملون مع نبيهم في الخلوة؟ كما بين لهم كيف يتعاملون معه في الملأ؟ فقال:{آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}[الحجرات: ٢]
٤ - أراد الله أن يبين لهم أن الذي يتوهم أن الأمر الشرعي تركه أدبًا وحياء، فإن الحزم كل الحزم اتباع الأمر الشرعي، وأن يجزم أن ما خالفه، ليس من الأدب الشرعي، والله