للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: إن صاحب الدعوى التي نصُّها: أن الإسلام أباح نكاح زوجة الأب لم يعتمد على قرآن ولا سنة، ولا إجماع ولا قياس، ولا قول الجمهور، بل ولا قول أحد من أهل العلم أصلًا؛ لأنه كما سبق أجمع أهل العلم على تحريم ذلك، ولكن صاحب الدعوى يعتمد على عبارة جاءت في كتاب "الحدود من كتاب المحلى لابن حزم" وها هي:

وقال أبو حنيفة: لا حَدَّ على من تزوج أمه التي ولدته، وابنته، وأخته، وجدته، وعمته وخالته، وبنت أخيه، وبنت أخته عالمًا بقرابتهن منه عالمًا بتحريمهن عليه ووطئهن كلهن، فالولد لا حق به، والمهر واجب لهن عليه، وليس عليه إلا التعزير دون الأربعين فقط، وهو قول سفيان الثوري. اهـ (١)

هذه عبارة ابن حزم نقلًا عن أبي حنيفة، ولم ينقلها صاحب الشبهة بتمامها.

والجواب من وجوه:

الوجه الأول: إيرادها في كتاب الحدود يدد على إسقاط الحد بما يراه الإمام شبهة، وهذا ما اختلفت فيه الأنظار - لا على الحل والإباحة.

الوجه الثاني: أبو حنيفة مع غيره من العلماء يحرم ذلك كما سبق في نقلنا الإجماع.

الوجه الثالث: جميع العلماء على خلاف قوله في هذه المسألة -إسقاط الحد- حتى أصحابه ومقلدوه.

الوجه الرابع: لماذا انتقى صاحب الشبهة هذه العبارة من كتاب ابن حزم ليشنع بها وقد أوردها ابن حزم للرد عليها.

هذا بشكل إجمالي، وهذا هو الجواب بالتفصيل،

[الوجه الأول]

إيرادها في كتاب الحدود يدل على أن المسألة في إقامة الحد على من أذنب ذنبًا كهذا، وأَنَّ أبا حنيفة يرى أَنَّ كونَه عقد عقدًا فهذه شبهة تسقط الحد فقط، لكن لا يدل على


(١) المحلى (١١/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>