للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٨ - شبهة: جزم الفعل المعطوف على المنصوب]

نص الشبهة: هو قوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠)} (المنافقون: ١٠).

والشبهة عندهم قوله تعالى: {وَأَكُنْ} وهو فعل معتل الوسط بالواو (أجوف) ولا تحذف الواو منه إلا إذا سكن آخره، ولا يسكن آخره إلا إذا كان مجزومًا، ويجزم المضارع إذا دخل عليه جازم أو عطف على مجزوم، ولم يحدث هذا هنا وإنما عطف الفعل على فعل منصوب فكان يجب أن ينصب هذا الفعل فيقال: {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ}.

والرد على الشبهة من وجوه:

[الوجه الأول: وردت القراءة الصحيحة بالنصب والجزم.]

قال ابن مجاهد: قرأ أبو عمرو "وأكونَ" بواو. (١)

وقال مكي بن أبي طالب: قرأ أبو عمرو بالنصب وإثبات الواو قبل النون، وقرأ الباقون بالجزم وحذف الواو. (٢)

وقال أبو جعفر النحاس: قرأ الحسن وابن محيصن وأبو عمرو وأكون بالنصب عطفا على ما بعد الفاء، وقد حكي أنّ ذلك في قراءة أبيّ وابن مسعود كذا. (٣)

فلم تكن هذه القراءة هي الوحيدة في جزم الفعل: "أكن".

وحجة من نصب أنه عطفه على لفظ (فأصدق)؛ لأن (فأصدق) منصوب بإضمار (أن)؛ لأنه جواب التمني، فهو محمول على مصدر (أخرتني).

[الوجه الثاني: هذا باب واسع في العربية.]

وقد بوب ابن جني (فصل في العمل على المعنى) (٤)؛ يقول:


(١) السبعة ٦٣٧.
(٢) الكشف عن وجوه القراءات السبع لأبي محمد مكي القيسي ٢/ ٣٢٢، ٣٢٣.
(٣) إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٢٨٩، وانظر: الموضح ٣، ١٢٧١، والبدور الزاهرة ٢/ ٣٦٩.
(٤) وقد سبق نقل كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>