للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحديث: "المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا". (١)

٣ - وجوب التفريق بينهما: لا تتم الفرقة عند الحنفية إلا بتفريق القاضي، لقول ابن عباس في قصة هلال بن أمية: (ففرَّق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بينهما)، وهذا يقتضي أن الفرقة لم تحصل قبله، فلو مات أحدهما قبل التفريق ورثه الآخر، ولو طلقها الزوج وقع طلاقه.

وقال المالكية والحنابلة في الراجح من الروايتين عن أحمد: تقع الفُرقة باللعان دون حكم حاكم؛ لأن سبب الفرقة وهو اللعان قد وجد، فتقع الفرقة به من غير حاجة إلى تفريق القاضي، ولقول عمر -رضي اللَّه عنه-: (المتلاعنان يفرق بينهما، ولا يجتمعان أبدًا).

وقال ابن قدامة في المغني: قال الشافعي: تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ، وَإِنْ لَمْ تَلْتَعِنْ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهَا فُرْقَة حَاصِلَةٌ بِالْقَوْلِ، فَتَحْصُلُ بِقَوْلِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ، كَالطَّلَاقِ.

وعقب ابن قدامة على قول الإمام الشافعي بقوله: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ الشَّافِعِيَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (٢)، وإِذَا كان الطلاق بائنًا وجب للمرأة النفقة والسكنى في عدتها، ويثبت نسب ولدها إلى سنتين إن كانت معتدة، وإن لم تكن معتدة فإلى ستة أشهر (٣).

فوائد: الأولى: لماذا كان اللعان من جانب الزوج دون الزوجة؟

فإن اللعان خاص بالأزواج دون الزوجات، ووجه ذلك: أن اللَّه -عزَّ وجلَّ- لما جعل في نفوس الرجال حبًا للزوجات غالبًا وغَيْرةً عليهن وعدم احتمال رؤية الزنا بهن؛ دفع عنهم حد القذف بما شرع لهم وخصهم به من الملاعنة، ويبين هذا أنه لما نزلت آيات القذف وتقرر حد القاذف اشتد الأمر على الأزواج الذين يعثرون على ريبة في زوجاتهم فأنزل اللَّه -عزَّ وجلَّ- آيات الملاعنة


(١) أخرجه أبو داود (١٨١٩) بلفظ: "مضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان"، وصححه الألباني في الصحيحة (٢٤٦٥).
(٢) المغني لابن قدامة (١٧/ ٣٦٩).
(٣) انظر غير مأمور في ذلك الموسوعة الفقهية الكويتية (٣٢/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>