للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه، ويأمن من الوقوع في قبلة يتولد منها إنزال أو شهوة أو هيجان نفس ونحو ذلك (١).

وقال الحافظ ابن حجر: أشارت عائشة بذلك إلى أن الإباحة لمن يكون مالكًا لنفسه دون من لا يأمن من الوقوع فيما يحرم، ويبدو أنها كانت تعتقد أن هذا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو اجتهاد منها؛ في حين أنه ثابت عنها في روايات أخرى إباحة ذلك، فيمكن الجمع بين القولين: على أن النهي هنا يحمل على الكراهة التنزيهية (٢).

[الثالثة: هل هناك فرق بين الذي تتحرك شهوته وبين الذي لا تتحرك شهوته، أم لا؟]

والجواب عن هذا جلي جدًّا في كلام ابن عبد البر السابق: حيث ذكر أن من كرهها ومنع منها كرهها خوفا من الشهوة وهو مقتضى قول عائشة وكان أملككم لإربه.

الرابع: هل القبلة والمباشرة تباح لطائفة من الناس (ككبار السن)، وتحرم على آخرين (كالشباب) مثلًا أم لا؟ .

نعم هناك من فرق بين الشاب والشيخ، وليس هذا الكلام على عمومه فالأمر راجع إلى الشهوة فلو اشتدت شهوة الشيخ لأمر ما وخاف على نفسه ماوراء القبلة والمباشرة منع ولو ضبط الشاب نفسه ولم يتعدها لما كان في الأمر شيء ولذلك لما سأل عمر - رضي الله عنه - بعد التقبيل لم يقل له النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، ولما سأله شاب قبل الفعل منعه فهذا يدل على أمرين:

الأول: أن الأصل في القبلة هو الإباحة كما سبق تقريره في كلام ابن عبد البر وغيره وكما حدث في قصة سؤال عمر - رضي الله عنه -.

الثاني: أن هذا الأصل قد يختلف بحسب حال السائل في الفتوى، فإذا كان السائل يسأل نادمًا ولم يتعد القبلة والمباشرة يفتى بهذا الأصل، وإذا كان السائل يسأل ليترخص لشدة حاجته للنساء وهو شاب لا يؤمن عليه ما وراء القبلة فالأولى منعه" عملًا بأصل آخر وهو حرمة ما يوصل إلى الحرام ووجوب ما يتم الواجب إلا به، والجماع في نهار رمضان


(١) شرح صحيح مسلم للنووي ٤/ ٢٣٥.
(٢) فتح الباري شرح صحيح البخاري (٤/ ١٧٧ - ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>