ننقل النص نفسه كما في النسخة العربية المشتركة:"سأقيم لهم نبيًا من بين إخوتهم مثلك وألقي كلامي في فمه، فينقل إليهم جميع ما أكلمه به".
وكما في نسخة كتاب الحياة:"لهذا أقيم لهم نبيًا من بين إخوتهم مثلك، وأضع كلامي في فمه، فيخاطبهم بكل ما آمره به".
أعتقد أنه واضح الآن كما في النسخ هذه: سأقيم، ولهذا أقيم، لا يمكن أن تكون استفهامًا أبدًا.
[بطلان هذا الرأي]
وهذا الرأي باطل ولن نذهب في بيان بطلانه إلى أكثر من كلام التوراة نفسها. وذلك؛ لأنه لو كان النص كما ذكروا بهمزة إستفهام إنكاري محذوفة هي في قوة المذكور لكان الكلام نفيًا فعلًا .. ولو كان الكلام نفيًا لما صح أن يعطف عليه قوله بعد ذلك:
١٩ وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي لَا يَسْمَعُ لِكَلَامِي الَّذِي يَتكَلَّمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ"؟ ! فهذا المقطع إثبات قطعًا فهو مرتب على إقامة النبي الذي وعد به المقطع الذي قبله. فدل هذا العطف على أن المقطع السابق وعد خبري ثابت لا نفي. ويترتب على ذلك بطلان القول المذاهب إلى تقدير الاستفهام. .؟ !
الثاني: وقد أحس اليهود ببطلان القول بالاستفهام فاحتاطوا للأمر وقالوا: لا مانع أن يكون النص خبرًا ووعدًا مثبتًا، ولكنه ليس المقصود به عيسى ابن مريم - عليه السلام - ولا محمد بن عبد الله رسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم -، بل المراد به نبي من أنبياء إسرائيل يوشع بن نون فتى موسى، أو صموئيل .. ؟ !
[موقف النصارى]
أما النصارى فيحملون البشارة في النص على عيسى - عليه السلام - وينفون أن يكون المراد بها رسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم -، واليهود ينفون أن تكون لعيسى - عليه السلام -.
وللنصارى مغالطات عجيبة في ذلك؛ إذ يقولون إن النبي الموعود به ليس من بني إسماعيل بل من بني إسرائيل. ومحمد إسماعيليّ فكيف يرسل الله إلى بني إسرائيل رجلًا ليس منهم.؟ ! كما قالوا: إن موسى أتى بمعجزات ومحمد لم يأت بمعجزات فكيف يكون مثله؟