للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: تصفية الأرواح، وتخليص العقول من شوائب الاعتقاد بالسلطة الغيبية للمخلوقات وقدرتها على التصرف في الكائنات لتسلم من الخضوع والعبودية لمن هم من أمثالها أو لما هو دونها في استعدادها وكمالها.

وثانيهما: إصلاح القلوب بحسن القصد في جميع الأعمال، وإخلاص النية لله وللناس. فمتى حصل الأمران انطلقت الفطرة من قيودها العائقة لها عن بلوغ كمالها في أفرادها وجمعياتها.

وهذان الأمران هما روح المراد من كلمة الإسلام. أما أعمال العبادات:

فإنما شرعت لتربية هذا الروح الأمري في الروح الخلقي، ولذلك شرط فيها النية والإخلاص، ومتى تربى سهل على صاحبه القيام بسائر التكاليف الأدبية والمدنية التي يصل بها إلى المدينة الفاضلة وتحقيق أمنية الحكماء (١).

وقيل الإسلام: هو علم بالغلبة على مجموع الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - كما أطلق على ذلك الإيمان أيضًا (٢).

فمضمون الإسلام هو توحيد الله والإخلاص له والإيمان برسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - والإيمان بجميع المرسلين مع الإيمان بوجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج والإيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله.

[المطلب الثاني: الإسلام هو دين الفطرة.]

قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠)} [الروم: ٣٠].

أي: إذا تبين لك أحوال المعرضين عن دلائل الحق فأقم وجهك للدين. وإقامة الوجه تقويمه وتعديك باتجاهه قبالة نظره غير ملتفت يمينًا ولا شمالًا. فأقم وجهك لدين الإسلام حنيفًا وهو الميل عن الباطل أي العدول عنه بالتوجه إلى الحق فطرة الله، والفطرة


(١) تفسير المنار (٣/ ٢٥٧) بتصرف.
(٢) تفسير ابن عاشور (٣/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>