للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلك وعشيرتك وأتباع دينك يسامون الخسف والعذاب عند هؤلاء الأعداء، والمعاملة بالمثل هنا هي أعدل قانون تستطيع استخدامه في رد الاعتداء، بل هي القانون الوحيد (١).

قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤٢)} (الشورى: ٤٠ - ٤٢).

أما عن قولهم، إذا كان الرقيق مسلمًا، فما وجه ملكه بالرق؟ مع أن سبب الرق الذي هو الكفر ومحاربة اللَّه ورسله قد زال؟

فالجواب: أن القاعدة المعروفة عند العلماء وكافة العقلاء: أن الحق السابق لا يرفعه الحق اللاحق، والأحقية بالأسبقية ظاهرة لا خفاء بها. فالمسلمون عندما غنموا الكفار بالسبي؛ ثبت لهم حق الملكية بتشريع خالق الجميع، وهو الحكيم الخبير. فإذا استقر هذا الحق وثبت، ثم أسلم الرقيق بعد ذلك كان حقه في الخروج من الرق بالإسلام مسبوقًا بحق المجاهد الذي سبقت له الملكية قبل الإسلام، وليس من العدل والإنصاف رفع الحق السابق بالحق المتأخر عنه؛ كما هو معلوم عند العقلاء. نعم؛ يحسن بالمالك ويجمل به أن يعتقه إذا أسلم، وقد أمر الشارع بذلك ورغب فيه، وفتح له الأبواب الكثيرة كما قدمنا - فسبحان الحكيم الخبير (٢).

من الأحرار من يطلب أن يعيش رقيقًا تحت راية الإسلام لما علموا من كرم أخلاقه:

وجاء عن زيد بن حارثة لما أخذ أسيرًا وأهدته خديجة -رضي اللَّه عنها- لخدمته -صلى اللَّه عليه وسلم- وجاء أهله بالفداء يفادونه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال لهم: "ادعوه وأخبروه فإن اختاركم فهو لكم بدون فداء" فقال زيد: واللَّه لا أختار على صحبتك أحدًا أبدًا فقال له أهله: ويحك أتختار الرق على الحرية فقال نعم؛ واللَّه لقد صحبته فلم يقل لي لشيء فعلته لم فعلته


(١) نظام الرق في الإسلام (٧٩ - ٨٠).
(٢) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (٣/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>