للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل الصلاة ذنب حتى يستغفر العبد منها؟ !

فتبين من ذلك أن الاستغفار لا يستلزم أن يكون على ذنب، وكذلك اعتراف العبد بأنه مذنب هذا من مناقبه، فقد اعترف آدم - عليه السلام - بقوله: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)} [الأعراف: ٢٣] فعد ذلك من مناقبه.

وكذلك موسى - عليه السلام - اعترف بالذنب - وإن لم يكن له ذنب - فعد هذا من مناقبه، ولذلك لما طلب المغفرة قال الله - عز وجل -: {فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص: ١٦].

وعلى النقيض من ذلك لم يعترف إبليس وعاند ربه فكانت العاقبة أن طرد من رحمة الله - عز وجل - وأصبح من الخالدين في النار.

الثالث: وأما عن قولهم: إن موسى - عليه السلام - نسب الضلال إلى نفسه حيث قال: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠)} [الشعراء: ٢٠].

والجواب على ذلك كما يلي:

إن الضلال هنا ليس من الضلال في الدين، وإنما تأتي هذه الكلمة ويراد بها عدة معان (١)؛ منها:

المعنى الأول: الضلال بمعنى: الجهل.

الضالين بمعنى: الجاهلين. (٢)

قال الطبري: والعرب تضع من الضلال موضع الجهل، والجهل موضع الضلال، فتقول: قد جهل فلان الطريق وضل الطريق بمعنى واحد. (٣)


(١) تراجع الشبهة في قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧)} [الضحى: ٧] من هذه الموسوعة.
(٢) النكت والعيون ٤/ ١٦٨، تفسير النسفي ٣/ ١٨٠، تفسير أبي السعود ٦/ ٢٣٨، وقد جاء كذلك في قراءة عبد الله بن مسعود وابن عباس: "وأنا من الجاهلين" كما نقله أبو حيان، لكنه قال: ويظهر أنه تفسير للضالين، لا قراءة مروية عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، تفسير البحر المحيط ٧/ ١٠، المحرر الوجيز ٤/ ٢٢٧، تفسير الآلوسي ٢٠/ ٦٩.
(٣) تفسير الطبري ١٩/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>