للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبذلك يبرروا صلبه، وأن المسيح - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنما هو الإله كما يزعمون الذي تجسد وتأنس من أجل هذه المهمة العظيمة، فكان أداة خلاصنا (١).

الوجه الثاني: بطلان الزعم بأن المسيح وحده الفادي لأنه المبرَّأ من كل ذنب.

إن شرط النصارى في براءة الفادي من الذَّنْبَ لم يتحقق حتى في عيسى ابن مريم رغم أنه وُضع له، فيسوع عندهم جسد أرضي ويكتنفه حلول إلهي (المسيح) وهم يقولون بالصلب فإن أحدًا منهم لا يقول بصلب الإله (المسيح) ولكن بصلب الناسوت (يسوع) وناسوت المسيح جاءه من مريم هي أيضًا حاملة للخطيئة، فالمسيح يجسده الفادي الحامل للخطيئة وراثةً لا يصلح أن يكون فاديًا، فإن زعموا أن مريم قد تطهرت من خطيئتها بوسيلة ما من غير حاجة للفداء، فلِمَ لا يطهر جميع الناس بهذه الوسيلة؟ .

فالنصارى يرون نوع البشر مذنب بصورة فظيعة، ويستحق الهلاك الأبدي، والله لا يخلص أحدًا من هؤلاء المذنبين من النار الأبدية المستحقة عليهم بدون شفيع، والشفيع لا بد أن يكون إلهًا تامًا وبشرًا تامًا، ويرون أن الشفيع لا بد أن يكون مطهرًا من خطيئة آدم، ويرون أنه كذلك وُلد عيسى من غير أب لينجو من انحدار الخطيئة إليه من أبيه، وسؤالنا لهم ألم يأخذ عيسى نصيبًا من الخطيئة عن طريق أمه؟ ، وهم يجيبون عن ذلك بأن الله قد طهر مريم من الخطيئة قبل أن يدخل الله الابن رحمها، والسؤال إذا كان الله يستطيع هكذا في سهولة ويسر أن يطهر بعض خلقه من الخطيئة فلماذا لم يطهر خلقه من الخطيئة كذلك بمثل هذه السهولة وذلك اليسر، وبدون إنزال ابنه وبدون تمثيلية الولادة والصلب؟ (٢).

القول بأن جميع البشر مذنبون منذ آدم إلى المسيح وما بعده افتراء يرده كتابهم المقدس حين يصف يحيى نبي الله وهابيل بن آدم ودانيال نبي الله وزكريا نبي الله وزوجته بأنهم كانوا من المعصومين، وأنهم لم يقترفوا شيئًا من الذنوب (٣).


(١) هل افتدانا المسيح؟ (١٦٩).
(٢) موقف اليهود والنصارى من المسيح (٤٤٨).
(٣) دراسات في اليهودية والمسيحية.

<<  <  ج: ص:  >  >>