للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء بطن من عامر بن صعصعة (١). وحيث إن بني كلاب كانوا يسكنون ضَرِيَّة (٢)، فإن هذا يعني أن الحوأب تقع في ضرية، وحيث إن ضرية تقع على طريق الحاج البصري (٣)، فإن ذلك يعني أن أصحاب الجمل قد سلكوا الطريق المعتاد بين مكة والبصرة ولم يحيدوا عنه كما زعمت الروايات. (٤)

الوجه الرابع: سياق معركة الجمل من خلال الروايات التاريخية المقبولة والموافقة لمكانة الصحابة رضي اللَّه عنهم:

كان جيش مكة قد وصل خلال تلك الفترة إلى البصرة فأرسل عثمان بن حنيف -رضي اللَّه عنه- وهو والي البصرة من قبل علي إليهم يستفسر عن سبب خروجهم فكان الجواب: إن الغوغاء من أهل الأمصار ونزاع القبائل غزوا حرم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأحدثوا فيه الأحداث، وآووا فيه المحدِثين، واستوجبوا فيه لعنة اللَّه ولعنة رسوله، مع ما نالوا من قتل أمير المسلمين بلا ترة ولا عذر فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه، وانتهبوا المال الحرام وأحلوا البلد الحرام والشهر الحرام، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء القوم وما فيه الناس وراءنا، وما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا، وقرأت: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} (النساء: ١١٤)، ننهج في الإصلاح ممن أمر اللَّه -عز وجل- وأمر رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- الصغير والكبير والذكر والأنثى فهذا شأننا إلى معروف نأمركم به ونحضكم عليه، ومنكر ننهاكم عنه ونحثكم على تغييره. (٥)

قلت: وهذا سياق لا يصح إسناده، والصواب أن الغرض هو الإصلاح لا الطلب بدم


(١) انظر: معجم البلدان (١/ ٣١٤).
(٢) انظر: كتاب المناسك للحربي (ص ٦١٢)، ومعجم البلدان (٣/ ٤٥٧).
(٣) انظر: كتاب المناسك للحربي (٥٩٤).
(٤) انظر: حول هذا الموضوع مع نقد الروايات في ذلك. كتاب استشهاد عثمان ووقعة الجمل لخالد الغيث (١٦٦ - ١٦٨).
(٥) تاريخ الطبري (٤/ ٤٦٢)، من طريق سيف بن عمر، وهي رواية ضعيفة لا تصح سندًا فلا يعتمد عليها فيما خالفت فيه الروايات الصحيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>