للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي: وقد خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، وكانت نارًا عظيمة جدًا، من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة، تواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة. (١)

وغيرها كثير من المعجزات التي أجراها الكريم - جل جلاله - إذ الفضل منه وإليه - على يدي النبي المعصوم - صلى الله عليه وسلم - ولكننا نثبت أن الله تبارك وتعالى أجرى معجزات كثيرة على يد نبيّه - صلى الله عليه وسلم - تثبت نبوته - صلى الله عليه وسلم -. (٢)

[الوجه الخامس: ظهور دينه وغلبته على الأمم.]

ومن الأوجه القوية التي تثبت نبوته - صلى الله عليه وسلم - أنه - صلى الله عليه وسلم - جهر بدعوته بين قوم لا كتاب لهم، ولا حكمة فيهم: أنّي بعثت من عند الله بالكتاب المنير، والحكمة الباهرة لأنوّر العالم بالإيمان والعمل الصالح. وانتصب مع ضعفه وفقره وقلة أعوانه وأنصاره، مخالفًا لجميع أهل الأرض آحادهم وأوساطهم وسلاطينهم وجبابرتهم، فضلَّلَ آراءهم، وسفَّه أحلامهم، وأبطل مللهم وهدم دولهم، وظهر دينه على الأديان في مدة قليلة شرقًا وغربًا، وزاد على مر الأعصار والأزمان، ولم يقدر الأعداء مع كثرة عَدَدِهِم وعُدَدِهم وشدة شوكتهم وشكيمتهم، وفرط تعصبهم وحميتهم وبذل غاية جهدهم في إطفاء نور دينه وطمس آثار مذهبه. فهل يكون ذلك إلا بعون إلهي وتأييد سماوي؟

قال غمالائيل مُعلّم اليهود لهم في حق الحواريين: أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، احْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ جِهَةِ هؤُلَاءِ النَّاسِ فِي مَا أَنْتُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْعَلُوا. ٣٦ لأَنَّهُ قَبْلَ هذ الأَيَّامِ قَامَ ثُودَاسُ قَائِلًا عَنْ نَفْسِهِ إِنَّهُ شَيْءٌ، الَّذِي الْتَصَقَ بِهِ عَدَدٌ مِنَ الرِّجَالِ نَحْوُ أَرْبَعِمِئَةٍ، الَّذِي قُتِلَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَبَدَّدُوا وَصَارُوا لَا شَيْءَ. ٣٧ بَعْدَ هذَا قَامَ يَهُوذَا الْجَلِيليُّ فِي أَيَّامِ الاكْتِتَابِ، وَأَزَاغَ وَرَاءَهُ شَعْبًا غَفِيرًا. فَذَاكَ أَيْضًا هَلَكَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَشَتَّتُوا. ٣٨ وَالآنَ أَقُولُ لَكُمْ: تَنَحَّوْا عَنْ هؤُلَاءِ النَّاسِ وَاتْرُكُوهُمْ! لأَنَّهُ إِنْ كَانَ هذَا الرَّأْيُ أَوْ هذَا


(١) شرح النووي ١٨/ ٢٨.
(٢) وقد فُصَّلَ ذلك في بابه من خلال هذه الموسوعة فراجعها غير مأمور فإنها مهمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>