التشكيك أو التحريف لمعاني الآيات؛ وذلك لتوافق مذهبهم الباطل.
[الوجه الخامس: الهداية على أنواع؛ وليست هداية واحدة.]
١ - هداية مشتركة بين جميع المخلوقات: بأن أعطى الله - عز وجل - كل موجود خلقه المختص به ثم هداه إلى ما خلقه له من الأعمال.
٢ - هداية البيان والتعريف والدلالة لطريق الخير والشر: وهي التي يقدر عليها الرسل وأتباعهم، وهذه الهداية لا تستلزم الهدى التام؛ فإنها سبب وشرط لا موجب ولهذا لا ينبغي الهدى معها.
٣ - هداية التوفيق والإلهام: وهي الهداية المستلزمة للاهتداء، وهذه الهداية تفرد بها الله - عز وجل -، وهي تجيء بمعنى خلق الإيمان في القلب.
٤ - الهداية إلى الجنة والنار: المراد بها إرشاد المؤمنين إلى مسالك الجنان والطرق المؤدية إليها؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} [محمد: ٤, ٥].
وسنذكر هذه الأنواع بشيء من التفصيل لتتضح الصورة - إن شاء الله -:
أولًا: إن المقصود والمراد من قوله: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[البقرة: ٢٥٨]، {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة: ٢٤]، وما شابهها من الآيات هو أن الله - عز وجل - نفى عن هؤلاء القوم الظالمين والقوم الفاسقين حصول هداية التوفيق والإلهام والتأييد منه - سبحانه وتعالى - لهم، والتي تجيء بمعنى خلق الإيمان في قلوبهم، فمنعهم الله - عز وجل - هذه الهداية لخروجهم عن طاعته سبحانه وتعالى؛ ولظلمهم ولفسقهم، وإن كان لم يمنعهم الله - عز وجل - هداية البيان والدلالة التي تقوم بها على عباده في طاعتهم لله، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
والقول بأن المؤمنين غير محتاجين إلى الهداية هذا قول غير صحيح أيضًا، فإن المؤمن يسأل ربه الهداية دومًا وباستمرار؛ ولذا يتوجه بهذا الدعاء في كل صلاة لحاجته إلى ذلك ولجهله بكثير مما يصلحه، وحاجته إلى عونه سبحانه في تحصيل ما ينفعه، وأن يُثبِّته على الحق، وأن يزيده الله هدى ويلهمه رشده، وأن الله - عز وجل - هدى هؤلاء القوم الظالمين