للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ. لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ." (يوحنا ١٩/ ٢٣ - ٢٤). وهو ليس ذبحًا بكل حال.

يقول ولز: "إنه لزام علينا أن نتذكر أن الموت صلبًا لا يكاد يهرق من الدم أكثر مما يريقه الشنق، فتصوير يسوع في صورة المراق دمه من أجل البشرية إنما هو في الحقيقة من أشد العبارات بُعدًا عن الدقة".

ولكن هذه النظرة إلى الله، بأنه لا يرضى إلا بأن يسيل الدم نظرة قديمة موجودة عند اليهود وعند الوثنيين قبلهم، ففي التوراة تجد ذلك واضحًا في مثل قولها: "وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى المُذْبَحِ، فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَال الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: "لَا أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أيضًا مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ" (تكوين ٨/ ٢٠ - ٢١).

ومثله في محبة المحرقة وذبائحها والتنسم برائحتها قول العهد القديم: "وَبَنَى دَاوُدُ هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ، وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ سَلَامَةٍ، وَدَعَا الرَّبَّ فَأَجَابَهُ بِنَارٍ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى مَذْبَحِ المحْرَقَةِ." (الأيام (١) ٢١/ ٢٦).

وهكذا فإن التصور اليهودي للإله مشبع برائحة الدم يقول أرثر ويجال: "نحن لا نقدر أطول من ذلك قبول المبدأ اللاهوتي المفزع الذي من أجل بعض البواعث الغامضة وجوب تضحية استرضائية، إن هذا انتهاك إما لتصوراتنا عن الله بأنه الكلي القدرة، وإلا ما نتصوره عنه ككلي المحبة".

ويرى المحققون أن ادعاء إهراق دم المسيح مأخوذ من الديانة المثراسية حيث كانوا يذبحون العجل ويأخذون دمه، فيتلطخ به الآثم، ليولد من جديد بعد أن سال عليه دم العجل الفدية. (١)

رابعًا: التشابه في قيامة الآلهة بعد الموت.

[(١) قيام الآلهة من بين الأموات.]

ومن أوجه الشبه بين الوثنيات القديمة والنصرانية القول بقيامة الآلهة من الأموات،


(١) هل العهد الجديد كلمة الله؟ (٨٥ - ٨٧)، مسيحية بلا مسيح (ص ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>