للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارتكب في حقه إثمًا وأنه قد ظلمه، والشرع قد حافظ على الناس بحماية أعراضهم بعدم الوقوع فيها، وذلك بإيجاب حد القذف.

وقال الشنقيطي: وقد جاء القرآن بالمحافظة على العرض بأقوم الطرق وأعدلها. فنهى المسلم عن أن يتكلم في أخيه بما يؤذيه، وأوجب عليه إن رماه بفرية حد القذف ثمانين جلدة. وقال تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ} (الحجرات: ١٢)، فقبح جلَّ وعلا غيبة المسلم غاية التقبيح. بقوله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} (الحجرات: ١٢)، وقال: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الحجرات: ١١) (١).

فحد القذف فيه غاية الزجر عن الوقوع في أعراض الناس، وفيه زجر العاصي عن الرجوع إلى المعصية، ومنع غيره من الوقوع فيها، وفيه معنى الزجر لأنه مؤلم للقلب كما أن الجلد مؤلم للبدن وقد آذى المقذوف بلسانه فعوقب بإهدار منافعه جزاءً وفاقًا (٢).

وقال القرطبي: الحط إنما وضع للزجر عن الإذاية بالمضرة الداخلة على المقذوف، فصار بذلك حماية للأعراض وفيه غاية الزجر عن الوقوع في أعراض الناس بالقذف (٣).

[الوجه الخامس: الشهادة في الكتاب المقدس.]

في الكتاب المقدس نصوص صريحة وواضحة، في أنه لا يقبل في الشهادة أقل من اثنين بل أكثر من ذلك وإليك بعض النصوص:

كُلُّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا فَعَلَى فَمِ شُهُودٍ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ. وَشَاهِدٌ وَاحِدٌ لَا يَشْهَدْ عَلَى نَفْسٍ لِلْمَوْتِ. (العدد ٣٥/ ٣٠).


(١) أضواء البيان للشنقيطي ٣/ ٤٩: ٤٨.
(٢) تفسير أبي السعود (النور/ ٤).
(٣) تفسير القرطبي (النور/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>