ادفعوا الجزية، فقالوا: ندفع الجزية، وكانوا من أهل الكتاب ومن في حكمهم، فإنهم يبقون ما أبقاهم اللَّه -عزَّ وجلَّ-، ويكون هذا العهد ذمة لهم إلى الأبد ما لم يحدث النكث أو النقض.
[ما يلتزم به المسلمون في عقد الذمة.]
فعندنا محل ورد عليه عقد الذمة؛ وهو التزامات من الطرفين، من المسلمين التزامات، ومن الكفار التزامات، فيرد عقد الذمة على هذين الجانبين، فيلتزم المسلمون:
أولًا: بحقن دمه، فلا يُقتَل بدون حق.
ثانيًا: بحفظ عرضه، فلا يؤذى في عرضه.
ثالثا: بحفظ ماله، فلا يُؤخذ بغير حق.
رابعًا: بحفظ أهله وعياله، فيدخل الأولاد والذراري، بالتبع لآبائهم؛ لأنهم تابعون لآبائهم في هذا الحكم، كما ثبت من فعل الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، فإن خالد بن الوليد -رضي اللَّه عنه- لما كتب في الكتاب جعل الذراري تابعة للأصول (آباء وأمهات)، ثم يلتزم المسلمون بالدفاع عنهم، فإذا فتحت بلاد الكفار فنزلوا على حكم المسلمين بالذمة فيجب على المسلمين نصرتهم وحفظهم، ولذلك لما نزل الروم بالشام -وكان أبو عبيدة -رضي اللَّه عنه- قد فتح مع خالد أطراف الشام وأخذ الجزية على بعضها في معركة اليرموك- كتب أبو عبيدة إلى أمراء الأجناد، أن يردوا الجزية إلى أهلها حتى يقع النصر، فكانوا لا يلتزمون بالجزية إلا مع الالتزام بالنصرة، فيكون هذا الذمي له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم، فهو يلتزم بأمور، والمسلم يلتزم بأمور، فمن هذه الأمور التي يلتزم له بها المسلم: حفظ دمه -كما قلنا- وماله، وعرضه، وأهله، وولده، وكذلك أيضًا يكون له حق النصرة؛ فإذا اعتدى عليه الكفار وجب على المسلمين نصرته، ومنع الكفار من أذيته، كذلك أيضًا لا يعتدي عليهم المسلمون.
[ما يلتزم به أهل الذمة.]
الأمر الثاني الذي يلتزم به أهل الذمة؛ يلتزمون بأمور كثيرة يجمعها أصلان: