للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجهُ الدلالةِ أنَّ معاويةَ -رضي الله عنه- من أهلِ خباءِ هندَ.

سابعًا: قرب منزلته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فعن أبي سعيدٍ الخدريِّ -رضي الله عنه- قال: خرجَ معاويةُ على حَلْقَةٍ في المسجدِ، فقال: ما أجلَسَكم؟ قالوا: جَلَسْنا نَذكُر اللهَ. قال: الله! ما أَجْلَسَكم إلا ذاك؟ قالوا: واللهِ ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أَمَا إنِّي لم أستَحْلِفْكم تُهمةً لَكم، وما كان أحد بمنْزِلَتي مِن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أقلَّ عَنهُ حديثًا مِنِّي كنتُ خِتْنَه، وكنتُ في كُتَّابِه، وكنتُ أرحّل له راحلتَه وإنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ على حَلْقَةٍ مِن أصحابِه، فقال: "ما أجلَسَكُم؟ " قالوا: جَلَسْنا نَذكرُ اللهَ، ونَحمَدُه على ما هدانا للإسلامِ، ومَنَّ به علينا. قال: "الله! ما أَجلَسَكم إلا ذاك؟ " قالوا: والله ما أَجلَسَنا إلا ذاك. قال: "أَمَا إني لم أَستَحْلِفْكُم تُهمةً لَكُم، ولكنّهُ أتاني جبريلُ فأخبرني أنَّ اللهَ -عز وجل- يُباهي بكم الملائكةَ". (١)

والشاهد من الحديث قولُ معاويةَ -رضي الله عنه-: "وما كان أحدٌ بمنْزِلَتي مِن رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أقلَّ عَنهُ حديثًا مِنّي". ولقد عده الآجري من مناقب معاوية -رضي الله عنه-.

ثامنًا: انتفاعه بما سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سيرته. فعن معاوية -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم" فقال أبو الدرداء: كلمةٌ سمعها معاويةُ من رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- نَفَعَه اللهُ تعالى بها. (٢)

قال ابن كثير: يعنى أنه كان جيدَ السيرةِ حسنً التجاوُزِ جميلَ العفوِ كثيرَ السِّترِ رحمه الله تعالى. (٣)

تاسعًا: معاوية خال المؤمنين.


(١) أخرجه مسلم (٢٧٠١) والزيادة ما بين المعكوفتين عند ابن أبي عاصمٍ في الآحاد والمثاني (٥١٨) من طريقِ أبي سَلَمَةَ يحيى بنِ خلفٍ، نا عبدُ الأعلى، عن الجريري، عن عبدِ الله بنِ بريْدَةَ بِه.
(٢) صحيح. أخرجه أبو داود (٤٨٨٨) من طريق عيسىَ بن محمد الرملي، وابن عوف وهذا لفظه.
وأبو يعلى (٧٣٨٩) من طريق جعفر بن محمد بن الفضيل، وابن حبان (١٣/ ٧٢) عن إسحاق بن منصور، ومحمد بن سهل بن عسكر جميعهم، عن محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان، عن ثور، عن راشد بن سعد، عن معاوية به، وهذا إسناد صحيح، وصححه العراقي على هامش الإحياء، والألباني في صحيح الجامع (٢٢٩٥).
(٣) البداية والنهاية (٨/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>