للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلا انقطاع أذكركم" (١).

[ثالثا: تهرب عموم النصارى من الاعتراف بالإنجيل الأصلي، والرد عليهم]

وقد تهرب عموم النصارى من الإقرار بوجود إنجيل حقيقي هو إنجيل المسيح، فقالوا: لم ينزل على المسيح شيء، بل الإنجيل هو أقواله الشخصية، وقد سطرها الإنجيليون، وهذا بالطبع متسق مع قولهم بألوهية المسيح، إذ لا يليق بالإله أن يؤتى كتابًا، فهذا حال الأنبياء.

لكن يردُّ هذه الدعوى ذكر النصوص التي تحدثت عن وحي الله إلى المسيح، منها: قوله: "أنا أتكلم بما رأيت عند أبي" (يوحنا ٨/ ٣٨).

وكذا قوله مثبتًا نزول الوحي عليه، بما أسماه وصية الله التي أعطاه الله إياها: "لأني لم أتكلم من نفسي، لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية: ماذا أقول وبماذا أتكلم، وأنا أعلم أن وصيته هي حياة أبدية. فما أتكلم أنا به فكما قال لي الآب، هكذا أتكلم" (يوحنا ١٢/ ٤٩ - ٥٠).

ومثله قوله: "أتكلم بهذا كما علمني أبي" (يوحنا ٨/ ٢٨).

ويسمي يوحنا المعمدان - عليه السلام - كلام الله الذي سيؤتاه المسيح (الشهادة)، ويتنبأ بإعراض الكثيرين من بني إسرائيل عنها، فيقول: "الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع، وما رآه وسمعه به يشهد، وشهادته ليس أحد يقبلها، ومن قبل شهادته فقد ختم أن الله صادق، لأنَّ الذي أرسله الله يتكلم بكلام الله" (يوحنا ٣/ ٣١ - ٣٤).

لذا لما جاءته أمه وإخوته ووقفوا ببابه، أعرض عنهم وأقبل على تلاميذه الذين يسمعون منه كلام الله ويعملون به "فأجاب وقال لهم: أمي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله، ويعملون بها" (لوقا ٨/ ٢١).

فكلام الله ليس مجرد بشارة يؤمن بها المؤمنون - كما يزعم القائلون بأن إنجيل المسيح


(١) التحريف والتناقض في الأناجيل الأربعة ٦٠، هل العهد الجديد كلمة الله ٩٦، محاضرات في النصرانية ٥٠ - ٥١، دعوة الحق بين المسيحية والإِسلام ٢١٣ - ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>