للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت وآمركم بالصيام فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك فكلهم يعجب، أو يعجبه ريحها، وإن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وآمركم بالصدقة فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه فقال أنا أفديه منكم بالقليل، والكثير ففدى نفسه منهم، وآمركم أن تذكروا الله فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن السمع والطاعة والجهاد والهجرة، والجماعة فإن من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع، ومن ادعى دعوى الجاهلية، فإنه من جثا جهنم فقال رجل يا رسول الله وإن صلى وصام؟ قال وإن صلى وصام فدعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله هذا". (١)

الدليل الخامس عشر: وفيه إثبات مرحلة المهد لعيسى -عليه السلام- وأن الله أنطقه في المهد.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى، وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج، كان يصلي، جاءته أمه فدعته، فقال: أجيبها أو أصلي؟ فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات، وكان جريج في صومعته؛ فتعرضت له امرأة وكلمته، فأبى فأتت راعيًا، فأمكنته من نفسها؛ فولدت غلامًا، فقالت: من جريج! فأتوه، فكسروا صومعته، وأنزلوه وسبوه، فتوضأ وصلى، ثم أتى الغلام؛ فقال: من أبوك يا غلام؟ قال الراعي. قالوا: نبني صومعتك من ذهب؟ قال لا إلا من طين، وكانت امرأة ترضع ابنا لها من بني إسرائيل، فمر بها رجل راكب ذو شارة، فقالت: اللهم اجعل ابني مثله! فترك ثديها، وأقبل على الراكب، فقال: اللهم لا تجعلني مثله، ثم أقبل على ثديها يمصه -قال أبو هريرة كأني أنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يمص إصبعه- ثم مر بأمة، فقالت: اللهم لا تجعل ابني مثل هذه، فترك ثديها، فقال اللهم اجعلني مثلها، فقالت لم ذاك؟ فقال الراكب


(١) أخرجه الترمذي (٢٨٦٣) وقال: حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في صحيح الجامع (١٧٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>