للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغوغاء وخرج الأمر عن عليّ وطلحة والزبير. وكان طلحة يقول والسهام تناوشه: اللهم خذ لعثمان مني اليوم حتى ترضى. (١)

ويصور لنا الحسن بن عليّ حال والده فيقول: لقد رأيته حين اشتد القتال يلوذ بي ويقول: يا حسن لوددت أني مت قبل هذا بعشرين حجة -أو سنة-، فقال له الحسن: يا أبت قد كنت أنهاك عن هذا، قال: يا بني لم أر الأمر يبلغ هذا. (٢)

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناده إلى حبيب بن أبي ثابت أن عليًا قال يوم الجمل: اللهم ليس هذا أردت، اللهم ليس هذا أردت. (٣)

الوجه الخامس: أن الروايات التي جاءت تفيد بأن طلحة -رضي اللَّه عنه- قام بتحريض الناس على القتال، هي روايات مردودة بما ثبت من عدالة الصحابة رضوان اللَّه عليهم.

وقام طلحة ورجع خلف الجيش، فجاءه سهم غرب لا يعرف من أين أتى فنزل في المفصل من ركبته فصادف جرحًا في ساقه كان أصابه يوم أحد بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فبدأ ينزف فحمله غلامه إلى البصرة، وألجأه إلى دار خربة لا أحد فيها ومات هناك. (٤) والصحيح أن الروايات في رمي مروان لطلحة ثابتة، والذي حمله على ذلك هو أنه ظن أن طلحة شارك في قتل عثمان فاجتهد في ذلك وأخطأ في اجتهاده، وليس هناك من ضرورة توجب إصابة مروان في اجتهاده. قال ابن حجر: جَاءَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ رَمَاهُ فَأَصَابَ رُكْبَتَهُ فَلَمْ يَزَلْ يَنْزِفُ الدَّمُ مِنْهَا حَتَّى مَاتَ وَقَالَ قيس بن أبي حازم: رأيت مَروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذٍ بسهمٍ، فوقع في رُكبته، فما زال يسحّ حتّى مات. وفي بعض طُرُقه: رماه بسهمٍ، وَقَالَ: هذا ممّن أعان على عثمان (٥).


(١) تاريخ خليفة (١٨٥)، دول الإسلام للذهبي (١/ ٢٨).
(٢) مصنف ابن أبي شيبة (١٥/ ٢٨٨) بإسناد صحيح، والسنة لعبد اللَّه بن أحمد (٢/ ٥٦٦، ٥٨٩).
(٣) مصنف ابن أبي شيبة (١٥/ ٢٧٥).
(٤) تاريخ الطبري (٤/ ٥١٢، ٥١٤) من طريق سيف بن عمر.
(٥) فتح الباري (٧/ ٨٢)، والسنة لأبي بكر الخلال (٣/ ٥١٧)، ومصنف ابن أبي شيبة (٣/ ٦٠)، وتاريخ الإسلام للذهبي (٣/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>