رَجُلُ سَلَامَتِي، الَّذِي وَثقْتُ بِهِ، آكِلُ خُبْزِي، رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ! " (المزمور ٤١/ ٥ - ٩)، لقد كان تلميذه يهوذا، رجل سلامته أحد المتآمرين عليه.
لكن كمال المسيح وحسن طاعته لله نجياه من كيد عدوه، وأبطل مؤامرة يهوذا، فيقول المزمور: "١٠ أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَارْحَمْنِي وَأَقِمْنِي، فَأُجَازِيَهُمْ. ١١ بِهذَا عَلِمْتُ أَنَّكَ سُرِرْتَ بِي، أَنَّهُ لَمْ يَهْتِفْ عَلَيَّ عَدُوِّي. ١٢ أَمَّا أَنَا فَبِكَمَالِي دَعَمْتَنِي، وَأَقَمْتَنِي قُدَّامَكَ إِلَى الأَبَدِ. ١٣ مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. آمِينَ فَآمِينَ." (المزمور ٤١/ ١٠ - ١٣)، لقد سُر به ربه، ولم يهتف عليه عدوه، بل بكماله وصلاحه كتبت له النجاة.
خلاصة نبوءات المزامير
" مِن جماع ما تقدم لا نخلص إلا بأن المزامير تنبأت بحق بأن الله نحلص مسيحه، يستجيبه من سماء قدسه، يرفعه من أبواب الموت، يرفعه فوق القائمين عليه، يرسل من العُلا فيأخذه.
أما يهوذا الإسخريوطي الذي حفر له هذه الحفرة، وأتى على رأس الجمع من جنود وخدام ليقبضوا عليه، على المسيح سيده، فإنه في الحفرة نفسها يقع، وبعمل يديه يعلق، رجع تعبه على رأسه، وعلى هامته هبط ظُلمه، صار عارًا عند البشر، فقبض عليه هو بدلًا من المسيح، وحوكم هو، وصلب بدلًا منه.
وهكذا تستقيم النبوءة في المزامير، وهكذا تتجلى النبوءة في المزامير، في أسطع وأروع وأسمى ما تكون النبوءة، ليست آية نحرفها، أو كلمة نُحوّر معناها، بل صورة كاملة، عشرات الآيات، عشرات المزامير، كلها تنطق بصورة واحدة متكاملة، تتكرر كثيرًا، ولكن أبدًا لا تتغير.
هذه الحقيقة هي تلك التي نطق بها القرآن، واعتقدها المسلمون ... ولمن يريد أن يزيد يقينًا، فها هي المزامير كلها في الكتاب المقدس، الذي يؤمن به المسيحيون، ويتداولونه، وإليها فليرجع، ولن يزيده هذا إلا يقينًا وتقديرًا لهذه الحقيقة التي انتهجنا إليها .. ". (١)
المبحث الثالث: هل ما جاء في سفر إشعيا نبوءة عن صلب المسيح؟
(١) كان الاعتماد في هذا المبحث على دراسة الأستاذ حسين منصور في كتابه دعوة الحق بين المسيحية والإسلام (٥٠ - ١٢٠)، وتلخيص منقذ السقار لهذا المبحث من الكتاب السابق في كتابه هل افتدانا المسيح على الصليب؟ (٣٥ - ٦٢).