للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرى النصارى أن ثمة نبوءة في غير المزامير قد وردت عن صلب المسيح، ألا وهي ما جاء في إشعيا (٥٢، ٥٣) وفيه: "١٣ هُوَذَا عَبْدِي يَعْقِلُ، يَتَعَالى وَيَرْتَقِي وَيَتَسَامَى جِدًّا. ١٤ كَمَا انْدَهَشَ مِنْكَ كَثِيرُونَ. كَانَ مَنْظَرُهُ كَذَا مُفْسَدًا أَكْثَرَ مِنَ الرَّجُلِ، وَصُورَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَنِي آدَمَ. ١٥ هكَذَا يَنْضِحُ أُمَمًا كَثِيرِينَ. مِنْ أَجْلِهِ يَسُدُّ مُلُوكٌ أَفْوَاهَهُمْ، لأَنَّهُمْ قَدْ أَبْصَرُوا مَا لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ، وَمَا لَمْ يَسْمَعُوهُ فَهِمُوهُ." (٥٢/ ١٣ - ١٥).

"١ مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا، وَلمِنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟ ٢ نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لَا صُورَةَ لَهُ وَلَا جَمَال فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلَا مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. ٣ مُحتقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُختبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحتقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصابًا مَضْرُوبًا مِنَ الله وَمَذْلُولًا. وَهُوَ مجَرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلَامِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. ٦ كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ٧ ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فتذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. ٨ مِنَ الضُّغْطَةِ وَمنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ ٩ وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ. ١٠ أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالحْزَنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلًا تَطُولُ أَيَّامُهُ، وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. ١١ مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ، وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِرينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا. ١٢ لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي المُذْنِبِينَ." (٥٣/ ١ - ١٢).

ويربط النصارى بين هذا السفر وبين ما جاء في مرقس" ٢٨ فتمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: "وَأُحْصِيَ مَعَ أَثِمَةٍ"." (مرقس ٢٨/ ١٥)، ومقصوده كما لا يخفى ما جاء في إشعيا" سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ" ومثله في سفر أعمال الرسل. (انظر أعمال ٨/ ٢٢ - ٢٣).

والنص ولا ريب قد تعرض للكثير من التلاعب والتحوير، وتجزم بهذا التلاعب

<<  <  ج: ص:  >  >>