للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فغطت أم سلمة تعني وجهها وقالت: يا رسول الله وتحتلم المرأة؟ قال: نعم تربت يمينك فبم يشبهها ولدها؟ ! . (١)

[الوجه الرابع: أنها لم تقل هذا إلا إجابة لسؤال سائل، ولم تبتدئ به.]

ولقد كان من كمال تأسي الصحابة - رضي الله عنهم - برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واعتقادهم بعصمته - صلى الله عليه وسلم - من الصغائر في كل أحواله، شدة حرصهم على تأسيهم به - صلى الله عليه وسلم - حتى في أمور بيته، وذلك كاختلافهم في جواز القبلة للصائم، وفى طلوع الفجر على الجنب وهو صائم فسألوا أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - فأخبرتهم أن ذلك وقع من النبي - صلى الله عليه وسلم - فرجعوا إلى ذلك.

الوجه الخامس: أنها ضحكت بعد قولها هذا تعجبًا ممن يخالف هذا وقد فعله رسول الله أو تعجبت من نفسها إذ تحدث بمثل هذا مما يستحى من ذكر النساء مثله للرجال، ولكنها ألجأتها الضرورة في تبليغ العلم إلى ذكر ذلك.

الوجه السادس: وقد يكون الضحك خجلًا لإخبارها عن نفسها بذلك.

الوجه السابع: أو تنبيها على أنها صاحبة القصة ليكون أبلغ في الثقة بها، أو سرورا بمكانها من النبي - صلى الله عليه وسلم - وبمنزلتها منه ومحبته لها اهـ وفي هذا من الحياء أنها كنت عن نفسها بالضحك ولم تصرح. (٢)

[الوجه الثامن: أنها كنت عن الحاجة أو العضو بالإرب حياء وأدبا ولم تصرح بأكثر من ذلك.]

والإرب بكسر ثم سكون، قال الخطابي: كذا يقول أكثر الرواة والإرب العضو قال: وإنما هو لأربه بفتحتين أي لحاجته، وقد قالوا أيضًا الأرب بالسكون الحاجة وقوله بكل إرب منه إربًا منه المراد هنا العضو، وكذا قوله يسجد على سبعة آراب وقوله: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} أي النكاح، قال طاوس: الحاجة إليه، وقال ابن عباس ولي فيها مآرب أي حاجات (٣).


(١) أخرجه البخاري (١٣٠)، ومسلم (٣١٣).
(٢) الوجه الخامس، والسادس، والسابع من شرح النووي (٧/ ٢١٦)، وفتح الباري (٤/ ١٥٢).
(٣) فتح الباري (١/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>