للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن إذا صلحت البيئة وصارت النساء يستجبن للنصيحة؛ أو يزدجرن بالهجر وجب الاستغناء عنه إذ نحن مأمورون بالرفق بالنساء، واجتناب ظلمهن، وإمساكهن بمعروف أو تسريحهن بإحسان. (١)

والخلاصة:

أن الضرب علاج مُرٌّ قد يستغنى عنه الخَيِّرُ الكريمُ، ولكنه لا يزول من البيوت إلا إذا عم التهذيب الرجالَ والنساءَ؟ وعرف كل ما له وما عليه من الحقوق، وكان للدين سلطان على النفوس تجعلها تراقب اللَّه في السر والعلن، فإذا أتى الضرب غير المبرح بثمرته المرجوة، وأطاعت المرأة زوجها، أو أطاعت بغيره من الوسيلتين السابقتين؛ فإن اللَّه يقول: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} أي: فإن أطعنكم بواحدة من هذه الخصال التأديبية فلا تبغوا، ولا تتجاوزوا ذلك إلى غيرها، فابدؤا بما بدأ اللَّه به من الوعظ، فإن لم يُجْدِ فبالهجر، فإن لم يُفِدْ فبالضرب، ثم هدد وتوعد على الظلم والبغي على النساء، فقال في ختام الآية: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} فَذَكَّرَ عباده بقدرته وكبريائه عليهم ليتعظوا ويخشوه في معاملتهن، فكأنه يقول لهم: إن سلطانه عليكم فوق سلطانكم على نسائكم، فإذا بغيتم عليهن عاقبكم، وإن تجاوزتم عن هفواتهن كرمًا تجاوز عنكم؛ وكفر عنكم سيئاتكم. (٢)

[٨. فإذا لم يجد الضرب فهل يطلق؟]

والجواب لا. لقول اللَّه تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} (النساء: ٣٥).

وهذه فرجة جديدة لرأب الصدع، وإزالة الشقاق، وتفادِي الطلاق. وهذا الخطاب عام يدخل فيه الزوجان وأقاربُهما فإن قاموا بذلك فذاكَ، وإلا وجب على من بلغه أمرهما من المسلمين أن يسعى في إصلاح ذات بينهما.


(١) تفسير المراغي (٥/ ٢٨ - ٢٩) بتصرف يسير، والمنار (٥/ ٧٢ - ٧٣).
(٢) تفسير المراغي (٥/ ٢٨ - ٢٩) بتصرف يسير، والمنار (٥/ ٧٣ - ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>