على إيجاد شيء يقدح به في النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن أشد ما يقدح المرء ويشينه ويسقطه في أعين أتباعه أن يكون فيه شبهة في نسبه، فلما يجد أبو سفيان شيئًا يقدح به في نسبه، اعترف وأقر ولا يصح إلا الصحيح.
[ثانيا: قال ول ديورانت]
لقد كان محمد من أسرة كريمة ممتازة، ولكنه لم يرث منها إلا ثروة متواضعة، فقد ترك له عبد الله خمسة من الإبل، وقطيعًا من العز، وبيتًا، وأمه عنيت بتربيته في طفولته. ولفظ محمد مشتق من الحمد وهو مبالغة فيه، كأنه حمد مرة بعد مرة، ويمكن أن تنطبق عليه بعض فقرات في التوراة تبشر قصة الحضارة، تحت عنوان محمد في مكة.
[١ - (مايكل هارت) في كتابه مائة رجل في التاريخ]
ويقول (مايكل هارت) في كتابه (مائة رجل في التاريخ): إن اختياري محمدًا، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي.
فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدأوا رسالات عظيمة؛ ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم أو سبقهم إليهم سواهم، كموسى في اليهودية، ولكن محمدًا هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته؛ ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة؛ فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضًا وحّد القبائل في شعب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم، أيضًا في حياته، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها.
[٢. غوستاف لوبون]
١ - جمع محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته كلمة العرب، وبنى منهم أمة واحدة خاضعة لدين واحد مطيعة لزعيم واحد، فكانت في ذلك آيته الكبرى. ومما لا ريب فيه أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أصاب في بلاد العرب نتائج لم تصب مثلها جميع الديانات التي ظهرت قبل الإسلام، ومنها