للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة التي يجري عليها المسلم في علاقاته بأصحاب الديانات الأخرى هي تلك التي حددها القرآن في الآية التالية {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} وكيف لا يكون المسلم متسامحًا وهو يجل الأنبياء الذين يجلهمّ اليهود والنصارى فموسى بالنسبة إليه كليم الله، وعيسى روح الله، يجب تبجيلهما كما نبجل محمدًا حبيب الله. {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (١).

يقول ادوين كالغرلي: لم يحمل المسلمون أثناء غزواتهم المنتصرة أحدًا من المسيحيين أو اليهود على اعتناق الإسلام، فقد أقر الإسلام لأهل الكتاب بحرية ممارسة شعائر دينهم بشرط دفع الجزية، وكل ما طالبهم به هو أن يسلموا للدين الجديد بالسيادة المدنية والسياسية التي تمثلت في الدولة الإسلامية (٢).

(احتفظ المسلمون للأقليات غير المسلمة في البلاد التي فتحوها بحقوقهم وامتيازاتهم الدينية) (٣).

في القرآن آية كريمة تفيض بالصدق والحكمة يعرفها المسلمون جميعًا، ويجب أن يعرفها غيرهم، وهي تقول بأن: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] (٤).

يقول كلود كاهن: حافظت الأقوام المغلوبة على حرية إقامة شعائرها، لا يحدّها في ذلك سوى الامتناع عن تلك التظاهرات العامة التي تؤذي المسلمين في المناطق الآهلة بهم، كما حافظت تلك الأقوام على شرائعها الخاصة، ورأى المسلمون في أداء الضريبة لهم اعترافًا بالسيادة العليا للأمة الإسلامية، ولقاء ذلك استبقى الأهالي ما يملكون من عقارات ونزل العرب خارج ممتلكاتهم، وكان على المغلوبين أيضًا واجب الوفاء والإخلاص للفاتحين، وبخاصة في فترات الحروب كإيواء المسلمين وتزويدهم بالأخبار والامتناع عن إفشاء المعلومات للعدو (٥).


(١) المرجع السابق.
(٢) الشرق الأدنى مجتمعه وثقافته بإشراف كويلر يونغ، صـ ١٦٣ - ١٦٤.
(٣) نفسه، صـ ١٦٤.
(٤) الشرق الأدنى صـ ١٨٢.
(٥) تاريخ العرب والشعوب الإسلامية ١/ ٥ - ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>