للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الثالث: هناك تقديم وتأخير.]

ومذهب المبرد: أنّ في الكلام تقديمًا وتأخيرًا، وتقديره: واللَّه أحق أن يرضوه ورسوله، وقيل: الضمير عائد على المذكور كما قال رؤبة:

فيها خطوط من سواد وبلق ... كأنه في الجلد توليع البهق. (١)

وَيلْزَمُ المبردَ من قوله أن يجوز: ما شاء اللَّه وشئت -بالواو-؛ لأنه يجعل الكلام جملة واحدة، وقد نُهِيَ عن ذلك إلا بثم. (٢)

[ويمكن أن نجمل القول فيما يلي]

قوله: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} صح عن العرب بالشواهد الصحيحة عودة المفرد على المثنى؛ إما لأنهم يدخلون الاثنين في حكمٍ واحدٍ، أو أنهم يجعلون الكلام يرجع إلى أحدهما؛ ومن ثَمَّ يعود على الآخر معه.

ومذهب سيبويه أن الجملة الأولى حذفت لدلالة الثانية عليها تقديره عنده: واللَّه أحق أن يرضوه، ورسوله أحق أن يرضوه، فحذف: أن يرضوه الأول لدلالة الثاني، فالهاء على قوله في يرضوه تعود على الرسول -عليه السلام-.

وقال المبرد: لا حذف في الكلام؛ لكن فيه تقديم وتأخير تقديره عنده: واللَّه أحق أن يرضوه ورسوله فالهاء في يرضوه عند المبرد تعود على اللَّه -جل ثناؤه-.

وقال الفراء: المعنى: ورسوله أحق أن يرضوه، و (اللَّه) افتتاح كلام. ويلزم المبرد من قوله أن يجوز: ما شاء اللَّه وشئت بالواو؛ لأنه يجعل الكلام جملة واحدة وقد نُهِيَ عن ذلك إلا بثم، ولا يلزم سيبويه ذلك؛ لأنه يجعل الكلام جملتين فقول سيبويه هو المختار في الآية. (٣)

* * *


(١) معاني القرآن للنحاس ٣/ ٢٢٨، إعراب القرآن لابن سيده ٥/ ٢٩٠، المحرر الوجيز لابن عطية ٣/ ٥٣.
(٢) مشكل إعراب القرآن لمكي القيسي ١/ ٣٣٢.
(٣) انظر مشكل إعراب القرآن لمكي القيسي ١/ ٣٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>