فمن أدى الواجب المقدور عليه فقد اهتدى وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم". (١)
لكن إن كان منه عجز ولا حاجة إليه أو خيانة عوقب على ذلك وينبغي أن يعرف الأصلح في كل منصب فإن الولاية لها ركنان: القوة، والأمانة كما قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالى {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦)} [القصص: ٢٦].
وقال صاحب مصر ليوسف - عليه السلام -: {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (٥٤)}، وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالى في صفة جبريل: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١)} [التكوير: ١٩ - ٢١]، والقوة في كل ولاية بحسبها والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل الذي دل عليه الكتاب والسنة وإلى القدرة على تنفيذ الأحكام، والأمانة ترجع إلى خشية الله وألا يشتري بآياته ثمنًا قليلًا وترك خشية الناس وهذه الخصال الثلاث التي اتخذها الله على كل حكم على الناس في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة: ٤٤].
من حقوق الرعية على الراعي (مشاورتهم): من المعلوم أنه لا غنى لولي الأمر عن المشاورة فإن الله تعالى أمر بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩)} [آل عمران: ١٥٩]. وقد روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:"لم يكن أحد أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، وقد قيل: أن الله أمر بها نبيه لتأليف قلوب أصحابه وليقتدي به من بعده وليستخرج منهم الرأي فيما لم ينزل فيه وحي من أمر الحروب والأمور الجزئية وغير ذلك فغيره - صلى الله عليه وسلم - أولى