يشرحون بها نصوص القرآن، ومُلئت بها كتب التفسير، مما شكل خطرًا بالغًا على عقائد المسلمين بما تضمنته من تشبيه لله تعالى، ووصفه بما لا يليق بجلاله وكماله، وبما يتنافى مع عصمة الأنبياء والمرسلين، إضافة إلى تشويهها لصورة الإسلام، وتصويره في صورة دين خرافي يستخف بالعقول، ويعنى بالترهات والأباطيل.
وقد دخل في الحديث من ذلك ما دخل في التفسير، وكان الذين دسوا مثل هذه الأخبار ونسبوها إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الأعم الأغلب طائفتان هما: الزنادقة الذين أظهروا الإسلام ودخلوا فيه عن خبث طوية بغرض الطعن والافتراء، والقُصاص الذي روجوا لتلك الأخبار ليستميلوا وجوه العوام إليهم، ويستدروا ما عندهم عن طريق التحديث بالمناكير والغرائب والأكاذيب، وقد وجدت هاتان الطائفتان في مرويات أهل الكتاب وأساطير القدماء مادة خصبة لتحقيق أغراضهم.
ولم يكن أمرهم ليخفى على المحدِّثين الذين تصدوا لهذه الظاهرة، وكشفوا حقيقة هذه الأخبار وبينوا زيفها وكذبها، ووزنوا الروايات بميزان دقيق، وطبقوا عليها منهجهم الفريد في النقد وسبر المرويات، شأنها شأن غيرها من الأخبار المختلقة الموضوعة، كما يظهر ذلك من خلال ما كتبوه في علوم الحديث، وتراجم الرجال، والأحاديث الموضوعة، والمشتهرة على الألسنة، إلى غير ذلك، ومع ذلك اتخذت هذه الإسرائيليات - مع الأسف الشديد - مدخلًا للطعن في أئمة الإسلام وعلمائه ممن كان لهم في الإسلام قدم راسخة، حتى كادت تذهب بالثقة في بعض الصحابة والتابعين، الذي عرفوا بالثقة والديانة، واشتهروا بين المسلمين بالتفسير والحديث، وذلك بسبب ما أسند إليهم من هذه الإسرائيليات، حيث اتهموا بأبشع الاتهامات من قبل بعض المستشرقين ومن مشى في ركابهم، وعدُّوهم مضللين مدسوسين على الإسلام وأهله. (١)
الوجه الثاني: بيان المراد بالإسرائيليات ومدى الصلة بينها وبين القرآن والسنة، وأقسامها.