وجوهرًا واحدًا وشخصًا واحدًا وأن هذه الطبيعة الواحدة والشخص والواحد هو المسيح وهو إله كله وإنسان كله وهو شخص واحد وطبيعة واحدة من طبيعتين.
ومما يوضح تناقضهم أنهم يقولون إن المسيح وهو اللاهوت والناسوت شخص واحد وأقنوم واحد مع قولهم أنهما جوهران بطبيعتين ومشيئتين فيثبتون للجوهرين أقنومًا واحدًا ويقولون هو شخص واحد ثم يقولون إن رب العالمين إله واحد وأقنوم واحد وجوهر واحد وهو ثلاثة أقانيم فيثبتون للجوهر الواحد ثلاثة أقانيم وللجوهرين المتحدين أقنومًا واحدًا مع أن مشيئة الأقانيم الثلاثة عندهم واحدة والناسوت واللاهوت يثبتون لهما مشيئتين وطبيعتين ومع هذا هما عندهم شخص واحد أقنوم واحد وهذا يقتضي غاية التناقض سواء فسروا الأقنوم بالصفة أو الشخص أو الذات مع الصفة أو أي شيء قالوه.
وهو يبين أن الذين تكلموا بهذا الكلام ما تصوروا ما قالوه بل كانوا ضلالا جهالا بخلاف ما يقوله الأنبياء فإنه حق فلهذا لا يوجد عن المسيح ولا غيره من الأنبياء ما يوافق قولهم في التثليث والأقانيم والاتحاد ونحو ذلك مما ابتدعوه بغير سمع وعقل بل ألقوا أقوالا مخالفة للشرع والعقل.
ويقولون باتحاد اللاهوت والناسوت: فيشبهونه تارة باتحاد الماء باللبن وهذا تشبيه الأرثوذوكس وتارة باتحاد النار بالحديد أو النفس بالجسم وهذا تشبيه الكاثوليك وغيرهم، ومعلوم أنه لا يصل إلى الماء شيء إلا وصل إلى اللبن فإنه لا يتميز أحدهما عن الآخر، فكأن حقيقة تمثيلهم يقتضي أن اللاهوت أصابه ما أصاب الناسوت من إهانة اليهود وتعذيبهم له وإيلامهم له والصلب الذي ادعوه.
وهذا لازم على القول بالاتحاد فإن الاتحاد لو كان ما يصيب أحدهما لا يشركه الآخر فيه لم يكن هنا اتحاد، بل تعدد (١).