للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الخامس: أن النساء كنَّ في عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخرجن؛ ليسألن عن الحكم في نوازل وقعت لهن، وقد أقرهن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على الخروج لمثل ذلك؛ فدل هذا على جواز خروج المرأة لطلب العلم.

وها هي بعض الأحاديث الدالة على ذلك:

١ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي اللَّه عنه- قال: قَالَتْ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ (١)، فَاجْعَلْ لَنَا (٢) يوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لهُنَّ: "مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلَاثَةً مِنْ وَلَدِهَا إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِن النَّارِ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: وَاثْنَتَيْنِ؟ فَقَالَ: وَاثْنَتَيْنِ" (٣).

قال الحافظ: وفي الحديث ما كان عليه نساء الصحابة من الحرص على تعلم أمور الدين. (٤)

٢ - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَتْ: يَا رسول اللَّه! إِنَّ اللَّه لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ (٥)، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ، قَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا


(١) غلبنا عليك الرجال، أي: أن الرجال أخذوا كل وقتك ومجلسك.
(٢) فاجعل لنا، أي: عين لنا.
(٣) البخاري (١٠١، ١٠٢)، ومسلم (٢٦٣٣، ٢٦٣٤).
(٤) الفتح ١/ ٢٣٧. ففي الحديث: أن النساء طلبن من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يخصص لهن يومًا لتعليمهن أمور الدين؟ لأن الرجال أخذوا كل وقت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولقد لبى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- طلبهن.
قال شيخنا/ مصطفى العدوي: لا أعلم مانعًا من أن يخصص العالم يومًا لتعليم النساء ما دام هذا العالم متخلقًا بالأخلاق الشرعية والآداب النبوية التي سنها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما دامت الفتنة مأمونة، والخلوة منتفية، والتستر موجودًا وقائم، واستحب أن يكون ذلك من وراء حجاب، لقول اللَّه -تعالى-: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب: ٥٣).
وكذلك ليكن النساء متخلقات بأخلاق المسلمات التي سنها لهن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند الخروج من البيوت، وعند الحديث، وعند السؤال، والمعصوم من عصمه اللَّه -تعالى- واللَّه أعلم.
(٥) (إن اللَّه لا يستحيي من الحق) قدمت هذا القول تمهيدًا لعذرها في ذكر ما يستحي منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>