للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنائه فأبصر الأبنية، فقال: ما هذا؟ قالوا: بناء عائشة وحفصة وزينب، فقال رسول اللَّه: آلبرَّ أَرَدْنَ بهذا (١)؟ ما أنا بِمعتَكِفٍ. فرجع، فلما أفطر اعْتكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّال. (٢)

[وجه الدلالة من الحديثين]

أفاد هذان الحديثان أن نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كنَّ يعتكفن في المسجد، وقد أذن لهن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الاعتكاف فيه فدلَّ ذلك على جواز خروج المرأة إلى المسجد للاعتكاف فيه.

رابعًا: خروج المرأة لزيارة القبور:

يستحب خروج المرأة لزيارة القبور للأحاديث الآتية:

١ - عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذِ إِلا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا" (٣).

٢ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: "زار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ: اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي تَعَالَى عَلَى أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَاسْتَأْذَنْتُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا، فَأَذِنَ لِي فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ بِالْمَوْتِ" (٤).

[وجه الدلالة من الحديثين]

قال الشيخ الألبانى: عموم قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فزوروا القبور" فيدخل فيه النساء، وبيانه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما نهى عن زيارة القبور في أول الأمر، فلا شك أن النهي كان شاملًا للرجال والنساء معًا، فلما قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور" كان مفهومًا أنه كان يعني الجنسين، ضرورة أنه يخبرهم عما كان في أول الأمر من نهي الجنسين، فإذا كان الأمر كذلك


(١) قوله: (آلبر أردن) استفهام إنكاري، وسبب إنكاره (أنه خاف أن يكن غير مخلصات في الاعتكاف، بل أردن القرب منه؛ لغيرتهن عليه.
(٢) البخاري (٢٠٣٣، ٢٠٣٤)، ومسلم (١١٧٣).
(٣) مسلم (٩٧٧).
(٤) مسلم (٩٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>