للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعينها، وهذا هو ظاهر المثل المذكور (١).

وعن أنس - رضي الله عنه - قال: إِنَّكُمْ لتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعَرِ إِنْ كُنَّا لنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْمُوبِقَاتِ. قَالَ أَبُو عَبْد الله يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُهْلِكَاتِ (٢).

قال الحافظ ابن حجر: أي تعملون أعمالًا تحسبونها هينة وهي عظيمة، أو تؤول إلى العظم، وقال ابن بطال: المحقرات إذا كثرت صارت كبارًا مع الإصرار (٣).

وكان الصحابة - رضي الله عنهم - يعدون الصغائر من الموبقات لشدة خشيتهم لله - عز وجل - ولم تكن لهم كبائر (٤).

[الوجه الخامس: أن اللمم هي الصغائر دون الإصرار عليها.]

لقد وصف الله - سبحانه وتعالى - عباده المؤمنين في كتابه العزيز فقال - عز وجل -: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥)} [آل عمران: ١٣٥]، أي: إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار، وتابوا من ذنوبهم ورجعوا إلى الله من قريب، ولم يستمروا على المعصية، ولو تكرر منهم الذنب تابوا منه (٥).

وقال ابن تيمية: وأما اللمم الذي يقترن به التوبة والاستغفار مما يعظم به الإنسان عند أولي الأبصار، وهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قد علم تعظيم رعيته له، وطاعتهم مع كونه دائما كان يعترف بما يرجع عنه من خطأ وكان إذا اعترف بذلك وعاد إلى الصواب زاد في أعينهم وازدادوا له محبة وتعظيمًا (٦).


(١) حاشية مسند أحمد (٦/ ٣٦٩).
(٢) أخرجه البخاري (٦٤٩٢).
(٣) فتح الباري (١١/ ٣٣٧).
(٤) عمدة القاري (٢٣/ ٨١).
(٥) تفسير ابن كثير (٣/ ١٩٥).
(٦) منهاج السنة النبوية (٢/ ٤٠٧ - ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>