للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقلوبكم وقلوبهن في العاجل (١).

١٢ - الخلع: والخلع لغة: الانتزاع على مهلة، ومنه خلع الثوب: نزعه. وسوى بعضهم بين الخلع والنزع، يقال: خلع امرأته وخالعها، إذا افتدت منه بمالها فطلقها وأبانها من نفسه، وسمي ذلك الفراق خلعا؛ لأن الله تعالى جعل النساء لباسًا للرجال والرجال لباسًا لهن فقال: "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ" وهي ضجيعه وضجيعته، فإذا افتدت المرأة بمال تعطيه لزوجها ليبينها منه فأجابها إلى ذلك؛ فقد بانت منه، وخلع كل واحد منهما لباس صاحبه، والاسم من كل ذلك: الخلع (٢).

إذا فالخلع في الشرع: هو بذل المرأة العوض على طلاقها، إلا أن اسم الخلع يختص ببذلها له جميع ما أعطاها، والصلح ببعضه، والفدية بأكثره، والمبارأة بإسقاطها عنه حقًّا لها عليه (٣).

والأصل في إباحة الخلع: قول الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (البقرة: ٢٢٩).

فقوله تعالى: (ولا يحل لكم) أي: أيها المطلقون {أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} من المهر وغيره، {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} أي: فيما يلزمها من حقوق الزوجية "فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به" أي: نفسها عن ضرره، أي: لا إثم على الزوج في ما أخذ ما افتدت به ولا عليها في إعطائه وهذه الآية أصل في الخلع (٤).

والدليل من السنة على جواز الخلع: أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين؛ ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتردين عليه حديقته "؟ قالت: نعم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقبل


(١) تفسير الطبري (٢/ ٤٨٧ - ٤٨٩).
(٢) لسان العرب (٨/ ٧٦).
(٣) بداية المجتهد (٣/ ١٢٩).
(٤) محاسن التأويل (٣/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>