{ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} يعني تعالى ذكره بقوله ذلك، ما ذكر في هذه الآية: من نهي أولياء المرأة عن عضلها عن النكاح، يقول: فهذا الذي نهيتكم عنه من عضلهن عن النكاح، عظة مني لمن كان منكم أيها الناس يؤمن بالله واليوم الآخر، يقول: ومن يؤمن باليوم الآخر، فيصدق بالبعث للجزاء والثواب والعقاب، ليتق الله في نفسه، فلا يظلمها بضرار وليته ومنعها من نكاح من رضيته لنفسها، ممن أذنت لها في نكاحه، (ذلكم) أي: نكاح أزواجهن لهن، ومراجعة أزواجهن إياهن، بما أباح لهن من نكاح ومهر جديد؛ أزكى لكم أيها الأولياء والأزواج والزوجات. ويعني بقوله:(أزكى) أفضل وخير عند الله من فراقهن أزواجهن، وأما قوله:(وأطهر) فإنه يعني بذلك: أطهر لقلوبكم وقلوبهن وقلوب أزواجهن من الريبة. وذلك أنهما إذا كان في نفس كل واحد منهما -أعني الزوج والمرأة- علاقة حب، لم يؤمن أن يتجاوزا ذلك إلى غير ما أحله الله لهما، ولم يؤمن من أوليائهما أن يسبق إلى قلوبهم منهما ما لعلهما أن يكونا منه بريئين. فأمر الله تعالى ذكره الأولياء إذا أراد الأزواج التراجع بعد البينونة، بنكاح مستأنف، في الحال التي أذن الله لهما بالتراجع أن لا يعضل وليته عما أرادت من ذلك، وأن يزوجها؛ لأن ذلك أفضل لجميعهم، وأطهر لقلوبهم مما يخاف سبقه إليها من المعاني المكروهة. ثم أخبر تعالى ذكره عباده أنه يعلم من سرائرهم وخفيات أمورهم ما لا يعلمه بعضهم من بعض، ودلهم بقوله لهم ذلك في هذا الموضع، أنه إنما أمر أولياء النساء بإنكاح من كانوا أولياءه من النساء، إذا تراضت المرأة والزوج الخاطب بينهم بالمعروف، ونهاهم عن عضلهن عن ذلك؛ لما علم مما قلب الخاطب والمخطوبة من غلبة الهوى والميل من كل واحد منهما إلى صاحبه بالمودة والمحبة، فقال لهم تعالى ذكره: افعلوا ما أمرتكم به، إن كنتم تؤمنون بي، وبثوابي وبعقابي من معادكم في الآخرة، فإني أعلم من قلب الخاطب والمخطوبة ما لا تعلمون من الهوى والمحبة. وفعلكم ذلك أفضل لكم عند الله ولهم، وأزكى وأطهر