فهذه الأحاديث تبين أن سبب شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعمه أبي طالب في تخفيف العذاب عنه هو دفاعه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونصرته له، وهو مات كافرًا، والله - سبحانه وتعالى - أخبر أن الكافرين لا تنفعهم شفاعة الشافعين ولكن شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعمه شفاعة خاصة، حتى ورد أنه أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة.
وهذه الأنواع الثلاثة من الشفاعة خاصة بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وهناك شفاعات أخرى منها:
١ - الشفاعة في رفع درجات بعض أهل الجنة، الشفاعة في دخول بعض المؤمنين الجنة بغير حساب ولا عذاب.
٢ - الشفاعة في أهل الكبائر من أمته ممن دخلوا النار بذنوبهم أن يخرجوا منها.
٣ - شفاعته - صلى الله عليه وسلم - في أقوام قد أمر بهم إلى النار أن لا يدخلوها.
٤ - الشفاعة في قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم بأن يدخلوا الجنة.
يقول ابن تيمية: أجمع المسلمون على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يشفع للخلق يوم القيامة بعد أن يسأله الناس ذلك، وبعد أن يأذن الله له في الشفاعة، ثم إن أهل السنة والجماعة متفقون على ما اتفق عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين واستفاضت به السنن من أنه - صلى الله عليه وسلم - يشفع لأهل الكبائر من أمته، ويشفع أيضًا لعموم الخلق (١).
[الوجه السادس: عيسى - عليه السلام - ليس وحده الموصوق بهذا الوصف.]
قلت: هذا لأن الله وصف موسى - عليه السلام - بهذا الوصف كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (٦٩)} [الأحزاب: ٦٩]
فلماذا خصصوا هذا الوصف لعيسى - عليه السلام - دون سائر الأنبياء عليهم السلام؟ .
الوجه السابع: عيسى - عليه السلام - يبرأ من الشفاعة يوم القيامة لهول ذلك اليوم.
(١) مجموع الفتاوى (١/ ٣١٣)، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للإمام اللالكائي (٦/ ١١٦٠) فما بعدها.