للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حجر: وهذا مصير منه إلى استمرار حكم عموم آية البقرة فكأنه يرى أن آية المائدة منسوخة.

وقد رد الجمهور على هذا القول بأمور:

١ - أن المشركات لا يتناول الكتابيات لقوله تعالى: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ} (البقرة: ١٠٥)؛ فقد عطف المشركين على أهل الكتاب والعطف يقتضي المغايرة. (١)

٢ - ما قالوه في النسخ ليس بصحيح؛ لأن البقرة من أول ما نزل بالمدينة والمائدة من آخر ما نزل؛ فالراجح هو قول الجمهور، أو أن آية المائدة خصصت عموم آية البقرة (٢).

ثانيًا: حكم الزواج من الكتابية الحربية

[تمهيد]

الآية التي دلت على جواز زواج المسلم بالكتابية، لم تفرق بين أن يتزوجها في دار الإسلام أو في دار الحرب. ولكن دار الحرب تختلف عن دار الإسلام؛ بأن السيطرة في دار الإسلام للمسلمين الذين هم أهل الحل والعقد يحكمون بشريعة اللَّه التي أنزلها في كتابه وفي سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتظهر فيها شعائر الإسلام، واحتمال ميل الزوجة إلى دين زوجها المسلم وارد كما أن احترامها لآداب الإسلام وعدم مجاهرتها بما يخالفها أقرب؛ إرضاءً لزوجها الذي يغيظه مخالفة دينه في الأخلاق وارتكاب المحرمات، وهذا بخلاف دار الحرب التي تكون الهيمنة والسيطرة فيها للكفار الذين هم أهل الحل والعقد.

والحكم فيها إنما يكون بقوانينهم التي تخالف الإسلام، كما أن الشعائر الظاهرة فيها هي شعائر الكفر وليست شعائر الإسلام؛ والأخلاق السائدة فيها هي أخلاق الكفار،


(١) سيأتي هذا الكلام في التوفيق بين آية البقرة وآية المائدة.
(٢) فتح الباري ٩/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>